مثلما كان متوقّعا طغت على أعمال المجلس الوطني للاتحاد الوحدوي الديمقراطي الخلافات الداخلية على علاقة بالتجاذبات بين عدد من مكوناته وتياراته والتباين حيال بعض الأحداث والمواقف الأخيرة وتقييم مشاركة الحزب في الانتخابات التشريعية الأخيرة وهو ما كانت أشارت إليه «الشروق» في مقالات سابقة وعبّر عنه أحد أعضاء المجلس النائب في البرلمان عبد الوهاب مالوش في تصريح ل»الشروق» عشية انعقاد المجلس الوطني. وكان الأمين العام للحزب الأستاذ أحمد الاينوبلي افتتح أشغال المجلس الوطني في دورته العادية (26 و27 ديسمبر بالحمامات) وأكد في كلمته على أن الحزب شارك في الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة من منطلق وطني وأنه كان جادا في مشاركته مُساهما مع بقية الأطراف في إنجاح العملية الانتخابية، كما أكّد الإينوبلي أن الحزب قد نجح إلى حد بعيد في تحقيق رهاناته السياسية إذ تمكن من طرح تصوراته ورؤاه ونجح في تحقيق مكاسب انتخابية هامة مؤكدا على قبول الحزب للنتائج المصرّح بها وهنأ بهذه المناسبة الرئيس زين العابدين بن علي على تجديد الثقة فيه رئيسا للبلاد وهنأ أيضا النواب من مختلف الأحزاب وخاصة نواب الحزب وأكد على أن الحزب سيمضي قدما في نهج التوافق الوطني لإيمانه إن البناء السليم لا يتمّ إلاّ على أرضية التوافق بعيدا عن التشاحن والتوتر وان نهج الوفاق هو ثابت استراتيجي في سياسة الحزب. شأن داخلي وفي ما يتعلّق بالشأن الداخلي تمّ إبراز تباين الآراء حيال مواقف تسيير الحزب وظروفه الداخلية وما يروج من أخبار عن هيمنة تيار فكري على الخط السياسي العام للحزب ، وأحكم الأمين العام للحزب تسيير الخلاف حيث انتهى المجلس إلى رفض التجميد الذاتي للنشاط الّذي طلبه عضو المكتب السياسي للحزب والنائب في البرلمان السيّد أحمد الغندور وقرّر المجلس إحالة «ملف الغندور» على أنظار المكتب السياسي للبتّ فيه مستقبلا، علما بأنّ أصوات عديدة انطلقت من داخل قاعة الاجتماع مُطالبة هي الأخرى بتجميد نشاط الغندور وإحالته على لجنة النظام بدعوى تسريبه لأخبار داخلية وترويجه لأخبار غير صحيحة عن الواقع التنظيمي للحزب.. وعبّر المجلس الوطني في ختام أشغاله عن ضرورة الاستعداد الجيد للانتخابات البلدية ماي 2010 لذلك قرر المجلس الوطني عقد اجتماع للمكتب السياسي الموسّع لحضور المستشارين البلديين من أجل تدارس التدابير العملية المتصلة بالمشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي المهم، كما أكد المجلس الوطني على الشروع في مؤتمرات الهياكل بعد الانتخابات البلدية من أجل «التصليب التنظيمي» للحزب وتكريس انتشاره. من جهة أخرى تبني المجلس الوطني ما ورد في بيان المكتب السياسي المنعقد يوم 31 أكتوبر 2009 حول تقييم مشاركة الحزب ونتائجه في الانتخابات الرئاسية والتشريعية لما تضمنه من إصرار على المضيّ قدما في مزيد ترسيخ ثوابت الحزب وتعميق خياراته. العلاقة بالحياة السياسية أمّا على مستوى الوضع الوطني أكد الحزب على سلبية التشنجات التي تطبع العلاقات بين الأطراف السياسية بشكل يضع الكثير من العوائق أمام إطلاق حالة من الحوار الجاد حول ملفات كثيرة لذلك يدعو المجلس الوطني إلى الإسراع في مأسسة الحوار من أجل المضي قدما في تطوير المشهد السياسي وتعطيل مفاعيل كل التوترات التي قد تكون مدخلا لشتى أشكال التوظيف. وبعد التأكيد على وضع الانفراج الذي تلا الانتخابات الرئاسية والتشريعية بإطلاق سراح مساجين الحوض المنجمي والحوار الجدي حول معالجة أزمة الرابطة باستعداد مختلف الأطراف للوفاق والتنازل المشترك في سبيل انجاز مؤتمرها أكّد المجلس الوطني للوحدوي الديمقراطي على أهميّة مزيد تطوير هذه الحالة من الانفراج لمعالجة وضع الاتحاد العام لطلبة تونس وتفعيل المعالجة السياسية الوفاقية في كل الملفات الطلابية ومعالجة ملف الصحافيين نحو توحيد التمثيل النقابي بتجاوز أزمة التمثيل الراهنة، كما يؤكد على مزيد معالجة العراقيل التي تعطل تعميق المسار التعددي ونشاط الأحزاب السياسية في مختلف مناطق البلاد، كما دعا المجلس الوطني بمناسبة الاستعداد للانتخابات البلدية إلى ضرورة مراجعة القانون الأساسي للبلديات من أجل مشاركة أكثر ايجابية للمستشارين البلديين. كما استعرض المجلس عددا من النقاط الأخرى ذات الصلة بالوضعين العربي والدولي مذكّرا في الآن بمواقفه الّتي لا تنحاز عن الخط القومي العروبي. متابعون لوضع الوحدوي يقيّمون بأنّ الحزب تمكّن من الخروج بسلام وبأخفّ الأضرار من مجلسه الوطني، على انتظارات ستكون موجودة للفترة المقبلة، وربّما كان الأمين العام الأستاذ أحمد الإينوبلي من أكثر الكاسبين حيث تمّ تأمين وحدة الحزب واعداد العدّة والبرمجة للفترة القادمة.