الشمس في الجنوب .. الرياح في الوطن القبلي .. «الكالاتوس» وبقايا مزارع الحبوب في الوسط والشمال .. والفضلات المنزلية والصناعية والحيوانية في كامل أنحاء البلاد. عوامل طبيعية متعددة في بلادنا قادرة تقديم حلول بديلة في انتاج الكهرباء لو يقع احكام التعامل معها في المستقبل لتريحنا من التكاليف الباهظة لاستخراج الطاقة الكهربائية بالوسائل التقليدية وهي المحروقات (البترول والغاز) .. هذه الحلول وغيرها من الحلول الأخرى تحدث عنها في لقاء مع «الشروق» الأستاذ الجامعي والباحث في مجال الطاقات المتجددة السيد حبيب الحمزي مستعرضا المزايا المتعددة للطاقات البديلة التي دفعت بالجهات المسؤولة في بلادنا الى وضعها ضمن برامجها الاستراتيجية المستقبلية، فكان التوجه نحو تقنية السخان الشمسي و أيضا نحو دعم توليد الكهرباء بالرياح (تجربة الوطن القبلي) اضافة الى الاعداد لبرنامج استخراج الغاز العضوي من النفايات (تجربة سوق الجملة ببئر القصعة) وحسب الاستاذ الحمزي فان هذه التوجهات مازالت في حاجة الى نسق أسرع والى التوسع نحو الطرق الأخرى لاستخراج الكهرباء خاصة أنها متاحة بشكل جيد في بلادنا .. ويمكن ان تحقق اكتفاءنا في هذا المجال. كتلة أحيائية الكتلة الأحيائية (La biomasse) حسب الأستاذ الحمزي هي مصدر جيد للطاقة الكهربائية وتوفر طريقتين لذلك .. تتمثل الطريقة الأولى في استغلال البقايا العضوية للنباتات .. وضرب المتحدث مثل بقايا مزارع الحبوب بعد عملية الحصاد، حيث يمكن جمع بقايا قصب السنابل واخضاعها لعملية فنية وتقنية (تخمير) ثم استخراج الكهرباء منها .. وهذه الطريقة صالحة ايضا مع بعض اصناف النباتات الأخرى .. أما الطريقة الثانية للكتلة الأحيائية فهي استغلال النفايات الصناعية والمنزلية التي تلفظها المناطق الحضرية ببلادنا (65%) حيث يقع جمع مختلف النفايات وفرزها ثم اخضاعها لعمل كيمياوي واستخراج الغاز العضوي منها ليقع استغلاله فيما بعد لاستخراج الكهرباء. كالاتوس الكالاتوس شجرة تنمو بسرعة حتى بعد قصها ويمكنها ان تنمو في مناطق الشمال والوسط والجنوب وأن تنبت في المناطق الجبلية و «البور» بحيث لن تتطلب منا استعمال الأراضي الفلاحية الخصبة لزراعتها حسب الأستاذ الحمزي وتتمثل طريقة الاستغلال في قص الأغصان والأوراق ووضعها داخل مهضمات ثم ترسل الى مرجل وتضاف اليه مواد كيمياوية ثم نستخرج منها الغاز العضوي الذي يقع ارساله في شكل طاقة حرارية عبر قنوات ثم على عنفات وبعد ذلك نستخرج منها طاقة ميكانيكية ثم طاقة كهربائية وهي ما تسمى بطريقة الانتاج المتعدد للطاقة (La cogénération).. ويضيف الخبير في مجال الطاقات المتجددة انه توجد الى جانب الكالاتوس نباتات طبيعية اخرى لها الخاصيات نفسها ونباتات مبتكرة عن طريق التقاطعات الوراثية (Croisement génétique) و غراستها وهو ما سيؤدي الى انشاء ما يعرف بمزارع الطاقة .. جوع وبطالة على الصعيد العالمي، توجد بعض التخوفات من برامج الطاقات البديلة باعتبارها ستؤدي بالعاملين حاليا في قطاع الطاقات التقليدية الى البطالة مثل عمال حقول النفط وعمال المولدات الكهربائية المشغلة بالنفط أو بالغاز الطبيعي، وهو ما ذكره الأستاذ حبيب الحمزي .. لكنه أشار في الآن ذاته الى أن الطاقة البديلة ستصبح بدورها مصدر مواطن شغل جديدة وكل ما في الأمر هو فترة انتقالية قد تبدو مخيفة في البداية ثم تتبدد المخاوف. وعلى صعيد آخر قد يثير هذا التوجه مخاوف من تحويل الأرض من مصدر غذاء الى مصدر للطاقة (في حالة مزارع الطاقة المتجددة ومزارع الكالاتوس أو غيره من النباتات المنتجة للطاقة) .. لكن هذا التخوف بدوره غير مبرر، اذ ان الأرض ستواصل لعب دورها التقليدي في توفير الغذاء لأنه سيقع استغلال بقايا النباتات الغذائية (مثل بقايا مزارع الحبوب بعد حصادها وبالنسبة للزراعات والأشجار الموجهة للطاقة (الكالاتوس مثلا) فسيقع استعمال الأراضي الجبلية والوعرة غير المستغلة بطبعها للانتاج الفلاحي الغذائي.