نحو بعث مناطق سقوية باستعمال المياه المعالجة لإنتاج زراعة طاقية تونس الصباح «.. في نطاق التوجه الرامي الى الترفيع في استعمال الطاقات المتجددة والبديلة تنكب الوزارة على انجاز دراسات تتعلق بنقل المياه المعالجة بمنطقة تونس الكبرى نحو مناطق الطلب لبعث مناطق سقوية للزراعات الصناعية لانتاج الوقود البيولوجي بما يساعد على اعادة استعمال 60% من المياه المعالجة..» هذا ما كان صرح به وزير البيئة والتنمية المستديمة منذ اسابيع بمقر مجلس المستشارين.. واعتبارا لاهمية ابعاد هذه الدراسات التي تهم التعاطي مع نوع جديد من الزراعات الواعدة وتطويع اصناف من البذور لانتاج محروقات بيولوجية ومنتوجات طاقية على مساحات زراعية متفاوتة ومتواجدة بعدد من الجهات في اطار بحثي وتجريبي في هذه المرحلة الاولى.. ارتأينا متابعة هذا الموضوع الذي طفا في العالم على سطح الاهتمامات والمشاغل في ظل الارتفاع المتواصل لاسعار البترول وانبرت عديد البلدان الغربية لا سيما بأمريكا اللاتينية تبحث عن بدائل للنفط منها المستخرج من أديم الارض على حساب الانتاج الموسمي للمواد الغذائية والأمثلة طويلة ومن ذلك الزيوت النباتية التي خرجت من اطباق الطعام وغادرت المطابخ لتستقر بخزانات وقود السيارات وغيرها من وسائل النقل.. وهنا يطرح السؤال حول الاولويات التي يتعين التقيد بها هل تكمن في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية وما أحوج عشرات ملايين الافواه الى بعض الطعام لاخماد نار جوعها.. ام المحروقات البديلة لمواجهة لهيب اسعار برميل النفط؟ دراسات وباكورات تجارب على كل عودة الى قواعدنا والى الدراسات التونسية التي تعد بعضها فتيا وبعضها الاخر قديما في مستوى الطرح والتجربة تفيد المعطيات التي توفرت لدينا من مصادر بحثية وعلمية شابة تتقد شغفا بمجالات اهتمامها واختصاصها تنشط صلب ادارة التحويل والتجديد التكنولوجي بمركز تونس الدولي لتكنولوجيا البيئة وهو من الاطر التكنولوجية التي تمثل مصدر فخر واعتزاز لبلادنا.. اذن تفيد المعطيات بان لنا من المبادرات والدراسات الاكاديمية والمخبرية في مجال الزراعة الطاقية وليس الغذائية هذه المرة ما استبق التوجهات العالمية الراهنة ولنا في التجربة المتعلقة باستغلال اللفت السكري في فترة الثمانينات على محدوديتها ما يعزز الرصيد البحثي في هذا المجال وكان العائق الوحيد الذي حال دون التوسع فيها الكلفة الباهظة. كما تزخر عديد وحدات البحث الجامعي ببحوث متنوعة حول الزراعة الطاقية.. وفي مستوى مركز تكنولوجيا البيئة استوقفتنا بعض التجارب والدراسات التي تنكب فرق علمية كفأة على متابعتها وانجازها ومنها الدراسة التي عرج عليها وزير البيئة والهادفة الى احكام استغلال المياه المعالجة وتثمينها في انتاج زراعات طاقية او ما يعرف بانتاج الوقود البيولوجي يتجه العمل نحو احكام استغلال هذه المياه بالمناطق شبه الجافة غير المستغلة في الانتاج الفلاحي عادة ومن المرجح ان تضطلع النباتات المائية بدور هام في تنظيف التربة الملوثة كما تبحث حاليا دراسة آليات نقل المياه الى مناطق الطلب. البيوغاز والنفايات العضوية من المجالات التي تشكل محور دراسات وتجارب متقدمة تلك المتعلقة بتثمين النفايات العضوية عبر استغلال كميات هامة من فواضل الصناعات الغذائية والفلاحية لاستخراج نوع من الغاز العضوي بنسبة 60% من الميثان كما يمكن استغلاله كسماد يستعمل في المجال الفلاحي وتتمثل التجربة في تخمير الفضلات بطريقة «لامهوئة» حتى تنشط البكتيريا ويصبح في المتناول استخراج «الميثان» او السماد وهما عنصران يكثر عليهما الطلب في القطاعين الفلاحي والصناعي لتوفير مصادر الحرارة (الكهرباء والتدفئة وقد تقدم المركز اشواطا في هذه التجربة وانهى المرحلة المخبرية وكذلك النصف صناعية ويتم التركيز حاليا على المرحلة الصناعية الكاملة بعد ان تأكدت المردودية القصوى وبنسبة 100% لهذا المشروع بحكم قدرات الكفاءات التونسية واجتهادها في التوظيف الامثل للتكنولوجيا المعتمدة في مجال النفايات العضوية وتحويلها الى غاز عضوي وان تخرح هذه التقنية عن مستوى الزراعات الطاقية لاعتمادها على تثمين النفايات العضوية فان مردوديتها العالية واثرائها للمبادرات والتجارب المحلية في توفير الطاقات البديلة املت التذكير والاشادة بها في هذه المساحة. كذلك الشأن بالنسبة لتجربة تثمين الزيوت المستعملة والمتأتية من الرزاعات النباتية عبر اعادة استغلالها بعد تجميعها من المطاعم.. و«الزيت اللي ماشي للزبلة... المحروقات اولى به!» الجنترونة.. في الطريق دراسات جادة ومعمقة يجري انجازها على «الجنترونة» ذات الاصول الهندية لزراعتها واستغلالها كزيوت للطاقة ولتكوّن حواجز ضد الانجراف وستعتمد هذه الزراعة الطاقية في مناطق غير مستغلة.. للانتاج الفلاحي المتميزة بمناخها شبه الجاف لما عرفت به هذه النبتة من مقاومة للجفاف والملوحة وستنطلق التجربة الميدانية لهذه «الفلاحة» في عدد من المستغلات المتواجدة بكل من سيدي بوزيد والقصرين ومدنين.. هكذا اذن يبرز الحرص على ألا يكون ميلاد هذه «الزراعة على حساب الزراعات الغذائية التي يبقى تطويرها هدفا دائما واولوية مطلقة مع التفاؤل بالمؤشرات الايجابية والنتائج العملية لهذه البحوث والدراسات المتعلقة اساسا بالزراعات الصناعية دعما للطاقات المتجددة والبديلة.. أليست الحاجة أم الاختراع؟!