في فضاء نادي الأطفال بالمروج الثالث يجتمع الأطفال طيلة أيام الأسبوع لتنمية مهاراتهم وتطوير مواهبهم في الموسيقى والرسم والإعلامية والمسرح والرقص والموسيقى والرياضة... خصوصا يومي الأحد والسبت حيث يتحول هذا النادي الظريف إلى خلية نحل للأطفال يملؤون كل القاعات حتى تضيق بهم وفريق كامل من المربين المنشطين يرعاهم ويتابعهم برحابة صدر فتحية لكل هؤلاء. كان حديثي مع الأطفال يتلخص في أربعة محاور تقريبا وهي: 1) المربي وتصرفاته مع التلاميذ سواء فيما يخص سلوكه أو تدريبه. 2) الإدارة ومدى التنظيم والتنسيق داخل المؤسسة التربوية نفسها. 3) مواقف التلاميذ وردود أفعالهم: آراؤهم في العقاب العنف المسلط عليهم وأنواعه. مازال الأستاذ أو المعلم هو محور العملية التربوية في نظر التلاميذ وسلوكهم يتحدد بسلوكه ومواقفهم هي استجابة لمواقفه منهم ومن المادة التي يدرسها لهم. تقول سلمى 13 سنة سنة ثامنة أساسي: ينتقل التلميذ من الابتدائية وقد كان يتعامل مع ثلاثة معلمين أو أربعة على أقصى تقدير (الرياضة، الانقليزية...) فيصبح يتعامل مع ثلاثة عشر أستاذا وقد يكون ذلك في البداية مبعث فرح لأنه يغيّر المعلمين وينوّع الطرق لكن يولد الخوف والرهبة لأنه يمكن أن نجد ثلاثة أو أربعة منهم «صعاب». وعندما تسألها عن معنى «أستاذ صعيب» تقول: بأنه ذلك الذي لا يقبل إبداء الرأي. يهزأ من التلاميذ الذين لا يتقبلون الدروس بسرعة ويشكون ضعفا في المادة. ينفعل بسرعة ويصدر عنه كلام جارح للمشاعر. ويتفق العديد من الصغار مع سلمى فالأستاذ الذي يكرهونه ويحقدون عليه هو ذلك الذي: يحتقر التلاميذ والمتوسطي الحال ويميّز الأغنياء أو الأكثر وسامة أو أناقة. لا يتسامح أبدا مع التلاميذ ضعاف المستوى الدراسي ويتشدد معهم من أجل أتفه الهفوات. الذي يرد بعنف كلما طلب تلميذ الفهم التسرّع برفت التلميذ من الفصل بدون مبرّر فقط ليكون عبرة لغيره. توتر العلاقة أمّا عن موقف الإدارة ومدى حسن التنسيق داخل المؤسسة فإنه يلعب دورا في توتر العلاقة بين التلاميذ والمربين أو في تحسينها. ويتعلق الأمر بنوعين من التعامل 1) الشخصي وهو الذي يخص سلوك الإداريين المشرفين على المعهد والمدرسة (مدير فقط أو مساعده نادرا...). يقول هؤلاء التلاميذ إن العديد من القيمين والإداريين يكلمونهم بعنف ولا يقبلون على حل مشاكلهم من نوع: اعتداء من طرف تلاميذ ضياع هاتف جوال نسيان كتب طلب بطاقة دخول وهناك من يتسلّط عليهم بلسانه ويهينهم 2) الناحية التنظيمية في المعهد: في بعض الأحيان يتم التنسيق بين الأستاذ والإدارة في تغيير حصة أو توقيت لظروف معيّنة فإذا جاء التلاميذ في الموعد فإن الإدارة تنهرهم لعدم علمها بالأمر، وإذا غيرت الإدارة شيئا دون علم الأستاذ فإن التلاميذ من يجني ثمره الخطإ عدم حضور الحصة... مواقف التلاميذ وردود أفعالهم أجمع عديد من التلاميذ على أن هناك نوع من المتعلمين يستفزون الأساتذة والمعلمين بنوع سلوكهم مثل الكلام بأصوات عالية، أو القيام بحركات بالأيدي أو بتعابير الوجه تدلّ على التحدي أو الاحتقار أو اللامبالاة فيثور الأستاذ ويصفع الطفل وقد حدث أن أرجع الفتى الصفعة للأستاذ الذي اغتاظ ولم يتوقع رد الفعل. وتقول أريج البنهيسي 14 سنة تصيبني البهتة فلا أتصور أن يصل تلميذ إلى ضرب أستاذه. وتقول تلميذة أخرى في بعض الأحيان يهين الأستاذ تلميذا بسبب عدم الحفظ أو غيره فيعود التلميذ إلى مكانه وهو يسب ويشتم ويتفوّه بكلام بذيء مما يزعج البنات أو يثير حفيظة الأولاد ويشجعهم على إهانة الأستاذ. أنواع العنف المسلطة على الأطفال يعتقد الصغار من مختلف الأعمار أن العقاب ضروري بالنسبة للطفل لأنهم يرون أنّ سلوك بعض الأطفال لا يمكن تقويمه إلا بالعقاب. لكنهم لا يقبلون بالضرب العنيف، ولا بأس بالضرب غير العنيف، ويقبلون المنع من الخروج إلى الراحة هذا في رأي تلاميذ الابتدائي. وقد لاحظنا أن العقاب يتراوح من العنف المعنوي (إقصاء، احتقار، سخرية) إلى العنف اللفظي (سب، شتم، إهانة لفظية) إلى العنف الجسدي (ضرب بالعصا، الحزام، الخرطوم، الصفع، أدوات الهندسة...). بحسب السن فكلما صغرت السن كلما تعرض الطفل إلى العقاب البدني الذي هو بدوره يتنوع: البقاء بالمدرسة من الساعة الثانية عشر إلى الساعة السادسة بعد الظهر من أجل مراجعة الدروس وذلك دون أكل وقد يخجل الطفل من أصدقائه بالأقسام الأخرى فلا يذهب إلى بيت الراحة... استدعاء الولي وهو في كثير من الأحيان يؤدي إلى عقاب بدني آخر لأنه يتم عادة في غياب الطفل، وقد قالت إحدى الصغيرات (9 سنوات) إنك تحس بأن المعلمة «تكرهك فتراها لا تسمح لك بالمشاركة في الفصل... الضرب بالعصا التي بها مسامير، أو عصا زيتون، أو مسطرة حديد، أو كاوتشو. الصفع وشد الأذني وشد الشعر، الضرب بالساق، باليد مع قلب الخاتم، الضرب على الأظافر. أنواع أخرى مثل رمي الكراسات، إفراغ المحفظة على المسطبة والبقاء آخر الفصل... يتعرض تلاميذ الأقسام الإعدادية أيضا إلى العقاب، وهو كما قلنا يتنوع أيضا وما زال يشمل الضرب لكن بصفة أقل من الابتدائي. لوي اليد وراء الظهر، الجذب من الشعر، الصفع. الطرد من الفصل الإنذار مع الإقصاء لمجرد الشك (تقول إحدى التلميذات ولم تقبل الأستاذة الاعتذار) قالت «ملكة رحالي 9 سنوات لاحظت أن المعلم يصرف غضبه في الأطفال وقد كان غاضبا لأسباب أخرى خارجة عن نطاق التلاميذ. غضب وافقتها إحدى المربيات الحاضرات: أنا أشعر بالغضب الشديد بسبب التغييرات المتتالية بالبرامج «تراجع سريع، إن ذلك يربك العمل ويوتّر الأعصاب فأنت تقوم بأشياء غير مقتنع بجدواها (مثل ما حدث بالنسبة للسنوات الرابعة...). قالت مربية أخرى: إن بعض الأولياء يزيدون الوضع سوء: توجد أزمة ثقة بين المؤسسة والمربي تقول إحدى المربيات: «إن الأولياء خصوصا الأمهات صرن يكتسحن المدرسة ويراقبن تصرف المربين ويتابعون ما يجري بين الصغار وأحيانا يعاقبون أطفالا لأنهم تخاصموا مع أبنائهم، ومنهم من تدخل لتقديم اللمجة لطفلها في العاشرة وهي مارة بقفتها إلى السوق ولما لا تسأل المربية في الخمس دقائق التي ستسترد فيها أنفاسها عن مدى تحسن ابنها بين البارحة واليوم. وهذا ما يثير حفيظة بعض المربين والمربيات ويوتر العلاقة مع التلميذ، ومن ناحية أخرى فإن الكثير من الأولياء يكيل الإهانة والشتم للمربي أمام صغاره ويحملهم فشلهم مما يشجع الصغار على عدم احترام المربين وفقدان الثقة في المؤسسة التربوية... زينب حامد