على خلاف ما كان منتظرا ومؤملا، أثار قرار وزير النقل المتعلق بالشروط الجديدة لتعاطي مهنة التدريب والتكوين في مجال سياقة العربات الصادر في موفى شهر أكتوبر 2009، ردود فعل سلبية وصلت حدّ الرفض التّام للقرار لدى أصحاب المهنة. وعلّل هؤلاء سبب الرفض بأن هذه الشروط لا تتماشى مع مصالحهم خاصة فيما يتعلق بالنقاط التي تهم الترفيع في المستوى التعليمي للمدربين والمكونين وأيضا النقاط التي تتعلّق بالرسكلة الدورية والمراقبة.. وهي اجراءات لم ترق كثيرا ، إن لم نقل بالمرة، لهؤلاء حيث وجدوا فيها تشكيكا في قدراتهم، وإهدارا لوقتهم، وتأثيرا بالسلب على مرابيحهم! ونحن لا نبالغ إذا قلنا إن هذه الاحتجاجات لا تعدو أن تكون سوى «تعلات» لا تمتّ للواقع بصلة، خاصة وأن الشروط الجديدة التي جاء بها القرار الوزاري تهدف إلى مزيد الرفع من أداء القطاع وتحسين مردوديته بعد أن صار يتخبّط في كم هائل من المشاكل والتجاوزات الخطيرة التي أثرت عليه بالسلب ولم تعد خافية على أحد، والتي تحدث إلينا بشأنها أصحاب المهنة ذاتهم وتذمروا كثيرا من وطأتها وتأثيرها السلبي على عملهم. أهمية التروّي على خلاف ما يتداوله عدد كبير من مهنيي قطاع تعليم السياقة لهذه الأيام، فإن القرار الوزاري تضمن عديد الايجابيات خاصة فيما يتعلق بالحدّ من الدخلاء على المهنة والتقليل من توجه كثيرين للخارج للحصول على شهادة الكفاءة التي تبقى دون المستوى المطلوب. وهي اشكاليات حقيقية عانى منها القطاع لسنوات عديدة ومثلت أبرز تشكيات المهنيين الذين حافظوا على مستوى من المهنية والشفافية في أداء عملهم ويبدو أن الدخلاء على المهنة الذين تزايد عددهم للأسف كثيرا بسبب غياب الرقابة لم يرق لهم هذا القرار الذي جاء ليحدّ من تدخلهم في المهنة بعد أن عادوا بها أشواطا إلى الخلق وخلافا، لهؤلاء فإن من يتمعّن جيدا في دلالاته وأهداف القراري الوزاري، لا بدّ أن يدرك أنه لا يتنافى مع مصلحة المهنيين بل هو على العكس من ذلك يصبّ في صالح كلّ الأطراف على حدّ السواء، وأنه يمثل في الواقع «الأمل» الذي سيعيد إلى قطاع تعليم السياقة القيمة والنجاعة المطلوبة. ولنا أن نتساءل في هذا الإطار: ما العيب من خضوع المدربين والمكوّنين إلى رسكلة دورية مثلا أو إلى مراقبة بيداغوجية يكون هدفها الأخير تجديد معارفهم بشأن قواعد الجولان وتطويرها ومزيد الرفع من كفاءتهم في أداء عملهم، وبالتالي النهوض بمردودية القطاع ككلّ؟ الظاهر في مثل هذه الحالة، أن المهنيين يحتاجون إلى مزيد التأطير والشرح لأهم النقاط التي جاء بها القرار حتى لا يصدر الرفض أو الاحتجاج دون وعي بمضامينها ومعانيها وأهدافها. لذلك نطالبهم بالتريّث وعدم إصدار الأحكام المسبقة دون محاولة فهم محتوى القرار الذي يتعلّق بقطاع حيوي يكتسي أهمية بالغة، وذلك لعلاقته الوثيقة بسلامة المواطن في موقع أول. وانطلاقا من هذا المعطى، كان لا بدّ من إعادة رسكلته وتجديد دمائه التي «تخثّرت» نتيجة كمّ المشاكل التي ميّزت أداءه في السنوات الأخيرة، لذلك جاء القرار الوزاري ليضطلع بهذه المهمة. فالأجدر بنا أن نساعده على أدائها على أكمل وجه لا تعطيلها.