بقلم: عبد الرحمان مجيد الربيعي حفل عام 2009 المنصرم بعدد من الفعاليات الثقافية الكبيرة تمت كلها بتوجيه رئاسي وحرصت على تنفيذها بالشكل الملائم أجهزة وزارة الثقافة والمحافظة على التراث وباشراف من السيد الوزير مباشرة. وكانت الندوات والأبحاث والمراجعات التي تمت في إطار الاستشارة الوطنية حول الكتابة والمطالعة من بين أهم ما قدم عام 2009 الذي كان عام المائويات بجدارة: الشابي والدوعاجي وابن عاشور والجويني والمسرح التونسي ثم الفعالية الجديدة بمدينة القيروان بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية. وأتوقف هنا عند الاستشارة الوطنية حول الكتاب والمطالعة التي عدّها كل من قرأ عنها أو سمع بها أو تابع فعالياتها التي شملت كل مدن الجمهورية التونسية عملا حضاريا يحمل الدليل بأن الكثير من المشاريع الثقافية الجادة لا يمكن لها أن تنجح وتحقق أهدافها ما لم تحظ بالدعم الكامل، وقد كانت هذه الفعالية المهمة بتوجيه مباشر من رئيس الدولة سيادة الرئيس زين العابدين بن علي. وقد تصدرت كلماته بشأن الكتاب المجتزئة من خطاب سيادته في اليوم الوطني للثقافة (جوان 2008) والتي تصدرت الملف الخاص بالندوة هي دليل عمل وفعل ثقافي إذ جاء فيها: (ويبقى الكتاب في نظرنا من أهم مصادر الثقافة والحصول على المعرفة رغم شدة مزاحمة الوسائل التقنية الحديثة. لذلك نأذن بتنظيم استشارة وطنية موسعة حول الكتاب والمطالعة ببلادنا قصد استجلاء آراء كل الأطراف المعنية واقتراحاتهم لدعم صناعة الكتاب وتسويقه ومزيد ترغيب التونسيين والتونسيات من كل الأعمار والمستويات في اقتناء الكتاب والاقبال على المطالعة لا سيما وأن القراءة ما تزال تعد في المجتمعات المتقدمة من أقوى أدوات اكتساب المعرفة وإنتاجها ونشرها). كان هذا إيذانا من لدن رئيس الدولة للبحث والمتابعة من قبل اللجان التي تشكلت في المدن التونسية، وكان الأخ الدكتور رضا النجار منسقا عاما لها. وقد عقدت الجلسة التي اختتم بها عام حافل في مدينة صفاقس يوم 28 من الشهر المنصرم بحضور الأستاذ عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة والمحافظة على التراث والسادة المسؤولين في الولاية يتقدمهم السيد الوالي ومسؤول لجنة التنسيق الحزبي والمعتمدون ورجال الثقافة سواء من صفاقس أو الذين حضروا من الولايات الأخرى ومن بينهم عدد من المندوبين الجهويين للثقافة. كانت جلسة مراجعة قرئت فيها نتائج وتوصيات واستفتاءات حول الكتاب والمطالعة. ومن المؤكد أن ما استمعنا إليه كان دقيقا لا يحمل أية مبالغة، ولكنه في الآن نفسه يرسم صورة ايجابية للآتي: لقد استمعنا إلى التقديم الواضح عن نتائج الدراسة الميدانية المنجزة في إطار الاستشارة حول علاقة التونسي بالكتاب والمطالعة، وربما احتوت مفارقات مثل نسبة القراءة بين النساء أكثر من الرجال ولدى الأطفال أكثر من الكبار وجاءت هذه النتيجة بعد استطلاع ميداني. ونشير هنا إلى أن محاور الاستشارة كانت كالتالي: المحور الأول: تشخيص الوضع الحالي وضم ما يلي: 1 الاطار القانوني والترتيبي للكتاب 2 اقتصاد الكتاب في تونس 3 الاطار الاجتماعي والثقافي والمحور الثاني (الرهانات) وضم: 1 الرهان الثقافي وتداول الكتاب وترسيخ عادة المطالعة 2 الرهان الاقتصادي وتحقيق رواج الكتاب التونسي في الداخل والخارج. أما المحور الثالث (نحو استراتيجية وطنية للنهوض بالكتاب والمطالعة) فتمحور حول الاقتراحات والتصورات لارساء خطة وطنية للكتاب والمطالعة. إنّ من تابع فعاليات هذه الندوة الختامية وخاصة ممن يراهنون على الكتاب المقروء يخرجون بكثير من التفاؤل، وبأن (أمة اقرأ تقرأ) وليس صحيحا (أنها لا تقرأ).