وكأن الحاضر غائب..! وكأن الأحياء أموات..! وكأن العجز قدر مقدّر.. ما الذي يحدث؟ لمن نكتب وبمن نحتفي؟ لماذا نرش السُّكَّر على الموتى؟ الموتى لا يحبّون السُّكّر! الموتى يبصرون.. أحياء يتابعون أعمالنا وحين يرصدون من يمجّدهم ويبرز مآثرهم يقولون..: أحسنتم لكن أين إنتاجكم لماذا عجزتم عن إبداع نصّ يتحدث عنكم لماذا تخلّيتم عن حياتكم الخاصة؟ أين مشاغلكم أين عصركم؟ سيقولون العصر رديء ويجيب الموتى العصر ليس رديئا ولا يوجد عصر رديء لكن يوجد كتاب رديئون عجزوا عن التفاعل مع العصر! مائويات وخمسينيات وكثير من الصّرف والمصروف وكثير من الهرج والحراك والإيهام بالثقافة والمعرفة.. وعشق للجنائز والمقابر.. نعم الأفكار الكبيرة لا تموت! لكن أين هي هذه الأفكار؟ ومن يقدر على فكّ شفرة هذه الأفكار ومن يحرّر هذه الأفكار من كل توظيف سيئ!؟ سقط رموز الثقافة تحت براثن «غسّالي الموتى» و«حفّاري القبور» ليتهم حفروا في النصوص وأبدعوا نصوصا أخرى! إنها مجموعة «لمّات» يحضرها «مْرُوقيون» باسم الثقافة والتكريم إنهم يغتالون حاضرنا.. إنهم يقدّمون فكرنا قربانا للفراغ.. إنهم يسعون لخصي جيل كامل وتعطيل ملكة التفكير لديه: ألا يقال لمن «فكّر» إنه «يْخَدَّم في مُخّه»! باعتبار هذا السلوك عملا مشينا!؟ أيها الموتى اعذرونا أن تطفّلنا عليكم اعذرونا إن تنازلنا عن حقّنا في الحياة والابداع مثلما أوصيتمونا..! أيّها الموتى؟ الأحياء الحاضرون فكرا وجسدا تنوبون عنا.. أيها النواب عنّا اعذرونا فقد غيّبونا (وهذا ليس اعتذارا) لأننا لا نستحق الحضور أيّها الأحياء نحن الموتى نعتذر منكم فاعذرونا.. رُشّوا ما استطعتم السُّكّر علينا رحمنا اللّه وأنتم اللاحقون/ السّابقون!