كثر الحديث هذه الأيام عن مسألة «مدى حضور اللغة العربية في الحقل الاعلامي العربي» خاصة بعد أن تعدى داء التشذرم والانشقاق العربي المجال السياسي ليشمل الاعلام. إذ عندما تنتقل بين الفضائيات العربية «الحكومية منها والخاصة» نلاحظ غياب اللغة العربية الفصحى لتحل مكانها العامية أو الدارجة. في تونس مثلا تغيب اللغة الأم اللغة العربية في القنوات الاذاعية والتلفزية فعندما تفتح أحدى الاذاعات الخاصة مثلا لن تجد فرقا بين فتحها وبين فتح شباك شرفتك إذا كنت تقطن بأحد الأحياء الشعبية بالعاصمة وأنت منزعج من حوار شبان الحي وطريقتهم في الحديث وهنا لا نقصد مضمون الحديث فحسب بل شكل الحديث إذ كثيرا ما نستمع لومضات اشهارية تدوم بعض الدقائق نصفها عامي والآخر فرنسي أمام غياب اللغة العربية. كأننا لا نفتخر بلغتنا على عكس الغربيين الذين اتبعوا آراء فلاسفتهم إذ يقول ديكارت «من لا لغة له لا فكر له». وكثيرة هي مظاهر التمرد على اللغة العربية في مشهدنا الاعلامي إذ نجد هذا التمرد حتى في البرامج الحوارية النخبوية التي تتجه الى فئة معينة «النخبة» بالإضافة الى العامية أصبحت لغة أحفاد مونتسكيو وسارتر هي الأكثر حضورا من لغة أحفاد المتنبي وسبويه خاصة في برامج الرياضة وهي أهم البرامج ليس لقيمة مادتها الاعلامية بل لأنها تتجه لأهم فئات المجتمع «الشباب». يتكلم المحللون والاعلاميون بلغة هجينة (فرانكو عربية). المشكل هنا لم يعد نمطيا لأن تونس رفعت العديد من التحديات منها تحرير الاعلام والصحافة وجعلتها فعلا سلطة رابعة. ولكن للأسف البعض من اعلاميي بلادنا وضفوا هذا الامتياز في مصادرة اللغة العربية ضاربين بالهوية والحضارة العربية عرض الحائط.!!! ولتلافي هذا الخطر الشائك وجب على أولياء أمور القطاع الاعلامي وضع ميثاق يحمي لغتنا التي تمثل ضربا من ضروب هويتنا. فاللغة العربية هي لغة العلم والأدب العربيين، علاوة على كل هذا هي لغة القرآن الكريم. خلاصة القول علينا أن نفتخر بلغتنا وتريح الغبار عن دفاترها لأنها شعرنا ونثرنا وقصصنا. بلال مبروك - معهد الصحافة وعلوم الاخبار