يقول الباحث التربوي الدكتور يزيد عيسى الشورطي «تعد الأسرة من أهم مصادر السلطوية في المجتمعات العربية التي عملت أحيانا كأداة لتخليد التسلط الاجتماعي من خلال تنشئة الأطفال على الخضوع والتبعية وتربية الأفراد على أساليب قمعية وتعسفية فالأسرة هي الرحم الذي ينشأ فيها الفرد وينمو ويكتسب ثقافته ويشكل شخصيته ويستمد سلوكاته وكثيرا ما يكون الفرد مثل عائلته التي غالبا ما تكون هي بدورها مثل مجتمعها لأنها تشكل مجتمعا مصغّرا». ويستند الباحث في استنتاجاته إلى العديد من الدراسات الاجتماعية التربوية والنفس الاجتماعية التربوية الحديثة قام بها باحثون وباحثات عرب. ومن مظاهر التسلط الأسري حسب هذه الأبحاث شيوع قيم التسلط والعنف في النسق التربوي للأسرة العربية واستخدام أساليب التهديد والوعيد من الكبار ضد الأطفال. وتبين الدراسات أن كثيرا من الآباء والأمهات يعتمدون على أسلوب الضرب المباشر للأطفال والتأنيب المستمر والأحكام السلبية، ويتطرق البحث إلى نوع الحكايات الخرافية التي يحكيها الكبار للصغار والتي كما يعلم الجميع تحمل في طياتها قيما ومبادئ على الطفل أن تعلمها ويستبطنها وهذه القيم التي هي في الغالب السلطوية والتبعية والقمع.. تمرّر لذهن الطفل ومخيلته عبر حكايات الموت والذبح والحرق والتخويف... ومن هم هؤلاء الصغار في حقيقة الأمر؟ أليسوا هم آباء الغد وأمهاته ومعلموه وقضاته وصانعوه والقائمون على كل متطلبات الحياة الاجتماعية لهذا يبطل العجب من لماذا يتسلط الأب على صغاره؟ لماذا تقسو الأم على فلذات كبدها؟ كيف يسمح المربي لنفسه أن يسحق مشاعر طفل صغير أو يافع غرّ أو مراهق غير متوازن؟ وتشير الدراسة إلى النتائج السلبية للتربية السلطوية ومن أهمها: انخفاض التحصيل الدراسي الاكتئاب الشعور بالذنب الخجل اختلال الصورة الذاتية العزلة ضعف الثقة بالنفس اضطراب النوم ضعف التركيز الشعور بالعدوان المضاد وقد يصبح الطفل غالبا مضادا للأسرة والمجتمع فتزيد الأسرة من رفضها له وعنفها ضده، مما قد يقوده إلى الإدمان، أو الإجرام أو الانتحار كما تؤدي هذه التنشئة التسلطية إلى ضعف تحقيق الطفل لذاته وإشباع حاجاته كما يحسها بنفسه، فتتشكل شخصيته ضعيفة مرتعبة تخشى السلطة تعتمد على غيرها لحل مشاكلها، عدوانية تعتدي على ممتلكات الآخرين...