كشفت دراسة أعدتها مؤسسة مختصة في تونس أن المعدل العام للأجر الشهري لمسيري المؤسسات في تونس يبلغ 110 آلاف دينار في السنة، غير أن هذه الدراسة لم تشمل ما كشف عنه المسؤول الأول عن أحد أكبر المجمعات الصناعية في تونس من أن أجره السنوي بلغ 549 ألفا و515 دينارا، أي بواقع 45 ألفا و800 دينار شهريا، أي أكثر من مائة مرة معدل الأجل الشهري للمواطن التونسي. وكانت مؤسسة خاصة معروفة قد أجرت هذه الدراسة وقدمتها في إطار يوم حول أجور المسيرين في تونس نظمه المعهد العربي لمديري المؤسسات بالعاصمة. وشملت هذه الدراسة التي هي الأولى من نوعها في تونس 180 مؤسسة تونسية، عشرة بالمائة منها مدرجة بالبورصة، بيد أنها اعترفت بصعوبة مثل هذه الدراسة في تونس لأن أغلب المؤسسات ما تزال «تسير بطريقة عائلية، وتغيب فيها الشفافية على مستوى التصرف وتختلط فيها أملاك المؤسسة بالأملاك الخاصة للمسيرين»، ورغم ذلك فقد جاءت الدراسة ثرية بالمعلومات والأرقام حول واقع كبار المسؤولين في تونس وحقيقة ما يروج حول أجورهم ومنافعهم المالية. الأكبر والأقل جاء في هذه الدراسة التي لم تكشف أسماء الشركات ولا أسماء المسيرين أن أكبر المسؤولين أجورا في تونس يحصل على 360 ألف دينار سنويا، وأن أقلهم يحصل على 29 ألف دينار سنويا، أي بواقع 2400 دينار شهريا. وعلى مستوى القطاعات، يتبين أن صناعة النفط هي الأكبر أجورا بمعدل 291 ألف دينار تليها البنوك 264 ألف دينار، ثم صناعة مواد البناء 198 ألف دينار، ثم المناجم 146 ألف دينار، فالنزل 140 ألف دينار فيما يأتي قطاع النقل والخدمات في ذيل القائمة. وبصفة عامة، تكشف الدراسة عن تفاوت كبير في أجور كبار المسيرين تبعا للقطاعات رغم التساوي في الشهائد والخبرات المهنية، كما كشفت عن التفاوت الكبير في الأجور بين القطاعين الخاص والعام حيث يتراوح معدل الأجور بين 2400 و4000 دينار شهريا، في المؤسسات التي شملتها الدراسة. وإذا كانت أجور المسيرين في الدول المتقدمة تتضاعف بالمنح والفوائد العينية فإن نظراءهم في تونس يحصلون على نسب تتراوح بين 15 و40 بالمائة من أجورهم السنوية. وتتنوع الفوائد العينية بين السيارات وأذون البنزين والسكن بالإضافة إلى المنح المالية عن تحقيق الأهداف التجارية. وفي دراسات أخرى، يتبين أن معدل الأجور في المؤسسات الصغرى والمتوسطة يبلغ 6 آلاف دينار، وفي التأمين يتراوح بين 5 آلاف و7 آلاف دينار، ويحصل مدير بنك خاص على معدل 10 آلاف دينار شهريا مقابل 4 آلاف دينار لنظيره في البنوك العمومية، مع الإشارة إلى أن الأجر الشهري للوزير يتراوح بين 3 آلاف و5 آلاف دينار. وكشفت الدراسة الثانية أن مدير أحد البنوك الخاصة الناجحة يحصل على أجر شهري استثنائي بلغ 30 ألف دينار شهريا، أي 67 مرة متوسط الأجر الشهري في تونس. واعترفت هذه الدراسة أيضا بصعوبة الحصول على أرقام دقيقة فيما يتعلق بأجور المسيرين الذين سوف يجدون أنفسهم مجبرين بالقانون سواء القديم رقم 94-117 الصادر في عام 1994 أو الإضافات الجديدة على كشف أجورهم. «عائلية» لقد طالبت هيئة السوق المالية في تونس عدة مرات بوجوب كشف أجور المسيرين وإضفاء الشفافية على التصرف المالي على الأقل للمؤسسات المدرجة بالبورصة، لكن دون نتائج, فقد رفض أغلب المسيرين الانضباط لقانون 14 نوفمبر 1994، أو الفصلين 200 و475 من المجلة التجارية اللذين يفرضان كشف الأجور والمنافع العينية والمالية التي يحصلون عليها وتنظيمها قانونيا وإداريا. ولنا في تونس استثناءان في القطاع الخاص هما السيد عبد الوهاب بن عياد رئيس مجمع بولينا الذي يشرف على 79 مؤسسة تحقق قرابة مليار دينار من المعاملات والسيد فتحي الحشيشة الرئيس المدير العام لمؤسسة إلكترو ستار التي تروج علامة «آل جي». وفي بداية الصائفة الماضية كشف السيد بن عياد أنه تقاضى عن عام 2008 مبلغ 549 515 دينارا. أما السيد الحشيشة فقد كشف أنه تقاضى 62 471 دينارا عن نفس السنة. أما بقية المؤسسات الخاصة، فما يزال الغموض والتكتم يحيط بأغلبها، وما يزال مسيروها يعتبرون ذلك شأنا عائليا خاصا، حتى أن البعض منهم ينفق من ميزانية المؤسسة على شؤونه الخاصة دون استشارة أحد وفق هذه الدراسة.