أقام المستعمر سنة 1895 أوّل بناية فرنسية على الضفّة اليمنى من وادي (بوزقدم) الذي يمرّ حاليا تحت شارع بورقيبة في أكبر نفق بالمدينة تسير به المياه المستعملة سابقا ومياه الامطار حاليا ففي سنة 1912 كان قصر البلدية موجودا على الضفة اليسرى من وادي بوزقدم قبالة الكنيسة سابقا ومركز البريد في ذلك الوقت والذي تحوّل الى بناية اتحاد الشغل حاليا. كان قصر البلدية في تلك الحقبة عبارة عن مسكن يتكوّن من قسم أرضي وطابق علوي تشقّقت جدرانه فقرّر المجلس البلدي بناء قصر يليق بالمدينة بعد اختيار المكان الحالي وذلك في شهر مارس 1913 بعد ان وقعت عملية التعويض للارض بين البلدية والادارة العامة للاشغال العامة التي أعطت المسكن للبلدية وحصلت مقابل ذلك على قطعة أرض بيضاء أقامت عليها المسكن الوظيفي الحالي والذي كان ادارة الجسور والطرقات والمتواجد حاليا بين قصر البلدية ونادي علي القلصادي وكلّف السيد (جيرود M. Giroud) المهندس المعماري بتونس بدراسة مشروع بناء قصر البلدية وفي سنة 1914 وصلت الدراسة الى مرحلة متقدّمة وكان المشروع سيرى النور غير أن الحرب العالمية الاولى والفوضى التي عمت البلاد عطّلت الانجاز وبقي على الورق الى غاية 1920 حيث فتح الملف من جديد وبقي يتعثر الى غاية 1930 لأسباب مادية ناتجة عن الدمار الذي خلّفته الحرب على البنية التحتية والحالة الصحيّة الرديئة والتي كانت تعتبر ذات أولويّة بالنسبة للمدينة وسكانها والمتمثلة في قنوات جلب مياه الشرب على مسافة 32كم مع بناء خزانات ومد قنوات داخل الاحياء وخاصة الحي الاوروبي واعادة هيكلة شبكة التنوير العمومي وغيرها من المصاريف التي أثقلت الكاهل البلدي. وفي جلسة 13 جانفي 1930 وافق المجلس البلدي على انجاز المشروع وعهد بالانجاز الى السيد (M. Aghilone) المقاول بتونس وانطلقت الاشغال في غرّة مارس 1932 الى غاية غرّة جويلية 1933 تحت مراقبة المهندس المعماري (M. Giroud) من تونس والسيد (Deluchi) مدير أشغال المدينة وكان المبلغ الجملي لكلفة المشروع في ذلك الوقت 1.700.000 فرنك متأتية من قرض ب 500.000 فرنك منحة من الجهة الاولى للمديرية العامّة للداخلية مع تمويل ذاتي إدخرته البلدية من 1929 الى غاية 1934 هذا ما جاء بمحاضر جلسات المجلس البلدي والمدوّنة بسجلاته والتي حاولنا ترجمتها من الفرنسية الى العربية مع الايجاز والدقّة في نقل أسماء الذين سهروا على انجاز المشروع مع تحديد التواريخ والأحداث التي لازمت المشروع من شهر مارس 1913 وهو تاريخ أخذ القرار لبناء قصر البلدية بباجة الى غاية 1934 تاريخ انتهاء الاشغال. والملاحظة التي نسوقها في هذا المجال هي ان المستعمر عندما أقام مشروع قصر البلدية لم يكن يفكّر في مصالح المتساكنين التونسيين وحاجياتهم الخاصة بل كان يفكّر في مصالح الجالية الاجنبية لذلك كانت معظم المشاريع والانجازات بالقسم الاوروبي من المدينة. مع تدخلات بسيطة داخل المدينة العتيقة والأسواق.