دعت تعليمات رئيس الدولة الّتي تمّ تضمينها في خطاب يوم العلم في جويلية 2009 وفي برنامجه الانتخابي 2009 2014 إلى تقييم المدرسة الابتدائية وتحسين الجودة بالتعليم الأساسي، الوزارة المعنية بادرت ببعث لجنة وطنية لتحسين جودة التعليم الأساسي انطلقت في أعمالها خلال الأسابيع القليلة الفارطة على أن تُنهي أعمالها مثلما أشار إلى ذلك مؤخرا السيّد وزير التربية في موفي مارس المقبل. وحتّى وإن تعلّلت الوزارة بأنّ تركيبة هذه اللجنة الوطنية تضمّ أعضاء من مجلسي النواب والمستشارين وجامعيين وإداريين ومتفقدين وممثلين عن الطرف النقابي ومدرسين وأنّها أي اللجنة استندت إلى مؤشرات ومعطيات ودراسات ميدانية وإحصائيات فإنّه لا يُمكن لنا كمتابعين إلاّ القول بأنّه بقدر ما كان القرار الرئاسي حكيما مستندا إلى استجابة لتوجسات ومخاوف وأصناف عديدة من التداخل والضبابية والغموض لدى الأولياء والمربين والمهتمين بالشأن التربوي ، بقدر ما كان التعاطي والتنفيذ «سري للغاية». إلى حدّ الآن واللجنة أوشكت على الانتهاء من أعمالها لم نسمع صدى لهذا التقييم الجاري للمنظومة التربوية الأساسية بل بالعكس ما تزال عديد النقاط مطروحة وبشكل ضبابي وكثيف حول التصورات الممكنة لتجويد وتحسين مردودية التعليم الأساسي وانتقاء الإمكانات الجائزة لتوفير تقييم منطقي وعلمي وعقلاني . والأسئلة هنا عديدة، منها: لماذا يتم تغييب الرأي العام الوطني عن أعمال هذه اللجنة المهمة والحساسة جدّا ؟ لماذا لا تفتح الوزارة حوارا واسعا وشاملا عبر وسائل الإعلام الوطنية حول التصورات والمقترحات إثراء للجدل ؟ لماذا يجري التقييم على شاكلة برنامج يُسري فودة «سري للغاية»؟ نحن في حاجة إلى أن يصعد ذلك التقييم إلى الواجهة وأن يتمّ تنفيذ القرار الرئاسي على أفضل وجه وإن اقتضى تمديد آجال عمل اللجنة الوطنية لتحسين جودة التعليم الأساسي بما يسمحُ بإجراء حوار علني واسع حول مسائل مصيرية تهمّ الآلاف من أبنائنا وبناتنا. نحن في حاجة إلى سماع وجهات نظر ومقاربات أعضاء تلك اللجنة وفي حاجة إلى تقبّل أكثر ما يُمكن من الآراء والمقاربات والمقترحات والتصورات من أكبر عدد ممكن من الأولياء والمربين والمهتمين بالشأن التربوي... نحن في حاجة إلى أن يخرج تقييم المنظومة التربوية الأساسية من «سريّته» وغرفه المغلقة ودوائره الضيّقة إلى العلن...ومن المؤكّد بأنّ العلن وحده كفيل بتحقيق وفاقات واسعة حول نقاط أصبحت ملحّة جدّا بين كلّ التونسيين وتهمّ مستقبل الأبناء ناهيك وأنّ حصاد تلك اللجنة سيكون أرضية لقرارات جديدة ستمسّ عدّة نواحي وستبني لذلك المستقبل.