أقف قرب نافذتي.. احتضن الغيث برمشي.. بقلبي.. وتمد القطرات يدها تجذبني.. لقاعة رقص مطرية الفوضى.. وألمح طيفه هناك.. تعبث القطرات بخصلات شعره.. وتلهو على وجنته... وأتأملها بغيرة اخفيها في جدران نفسي.. وأنا لا أدري أأهيم برائحة الارض المبتلة... أم برائحة هذا السيد المعطّر.. ويقاطعني همسه الساحر... يناشدني.. «أنرقص؟ ..» أنرقص؟؟؟؟ .. ربما كان سؤالا عاديا.. ولكن لا أدري لم انتهى رحيق أفكاري..؟ وتعثر الكلام على لساني... وتسارعت نبضات مضغة بحجم قبضتي.. توقفت الدماء في عروقي.. وسالت الدموع على وجنتي.. ونسيت حروف عربيتي.. وأرجوك.. أعطني نصف عقلي.. النصف فقط.. وسأجيب.. «كم من الوقت بقي في عمر النفاذ؟؟.. دعينا نخلد في ليلة أبدية..» هنا... دمعت العين... فتساقطت الشهب في السماء... وعلى أوتار القيثارة عرّش البنفسج.. وضياء القمر... تسللت من غليانها... نوقظ تثاؤب الزنبق.. نعم دعنا نترك القلب ينبض في صدر المطر.. وتنهمر.. قطرات روحية تندي شفاه الورد... دعنا نرقص حوافي فوق القافية... ندوس الطين.. فنحن أعظم من شعر وخاطرة...دعنا نهطل مطرا في فصل الظمإ.. نحلق في الفضاء في موسم للسبات.. وننساب حقيقة في شذرات الوهم... نعم .. من طلع حبنا... ستحيل الليلة بالليلة... وتدمن الضفاف الثكلى النهر... وتحط الألسن.. بالأمس كانا معا... واليوم معا... وغدا وللأبد.. سيكونان معا.. سيدي... أحقا نحن من البشر؟.. إن كنا نحيا في أبجديات غابت عن عقولهم.. إن كنا نعزف لحنا بلا أفول بعكس مقطوعاتهم؟.. ان كنا نتعرى من كل الخطايا.. ونرتدي الحب معطف كشمير.. أنكون من البشر؟؟.. أعلم أنك لست من البشر... إنك ارقى من هذا النعت بكثير.. ولكنك وبلا منازع تصلح سيدا لهم.. ان رغبوا يوما في اللجوء لظلك.. وأنا... لؤلؤة من جوفك يا محارتي خرجت.. أنا شمس من جبالك خلقت.. أنا .. أنثى تحبك بجنون السجين للحرية.. أنا أنثى تدمنك كأم لطفلها... أنا من تهفو كلماتي شوقا إليك.. وتتنافس حروفي لتخط على الورق لأجلك.. فيا رسول العشق المبجل... عمدني قديسة في محرابك... واسقني ماء ظهرك.. واعطني رطبا من حنانك.. وعلق ذات هوى.. تعويذة على صدري.. تحمي قلبي من نزعات الشيطان.. وعلى صخور ذاكرتي... ارسم نقشا لا يزول.. سيدي.. كل العشاق... كالغيم والتراب.. وأنت وأنا... عفوا... نحن... ضوءا ينبعث من قنديل واحد.. لا يمكن لأي زجاج ان يكسره مهما كان معتما.. نحن لسنا ترتيلا او نحيب.. نحن لحن سماء... وتساقطت دموعه على زندي.. وهدأ جنون الليل... وارهفت النسائم.. وجدلت الازقة المظلمة ظفائر من ضوء القمر.. واجتمعت النجمات في لوحة نور ازوردي.. وتراقصت تيارات البحر.. وغنت الحوريات.. لما دمعت عين مليك العشق الأسطوري؟.. «أحقا تحبيني؟..».. أو لا زلت تسأل؟.. نعم.. أحبك حد اللعنة.. أحبك احبك أحبك.. كما لم ولن أحب مثلك إنسان.. أحبك.. بقدر ما يحمل النسرين من عبق.. بقدر ما يزهو الياسمين بالعطر.. بقدر ما في سنديان حديقتي من شموخ.. بقدر ما علمتني أن أملك في القدر من أمل... أحبّك.. يا مرجعي... يا لغتي.. يا طقوسي.. ياسر كينونتي في هذا العالم معدوم الوجود ... أحبك يا أنت.. يا أنا فإياك والتخلي عني.. إلا ان رغبت ان أكون سيدة البؤس الأولى. وهنا يرقص المشرط فوق الشريان.. بانتظار جملة الجراح.. بل إياك أنت والتفكير بذلك... فلا موطن لك الا بقلبي.. ولا استقرار لروحك الا في مملكتي».. سيد الأنانية والاستحواذ... دعني أنساب في خلدك... دعني انسلخ مني وأسكنك أنت... دعني اصوغ لك من عناق الثريا... من قطرات الندى... من أمنيات عذراء تخفيها حجرات القلب.. عقدا يزدان به عنقك.. دعني.. أهفو اليك... فالجنون النابع منك... غيمة ماطرة تغويني.. دعني أسكن بين خفقاتك.. فكم هو الكون ممل بدون صوتك ينساب برقة. دعنا نلامس اطراف السماء... نعانق ضياء النجوم.. نوقظ القمر النائم خلف السحاب... ستتنهد حوافه طربا للموسيقى الناجمة عن وقع أقدامنا... دعنا نسافر أنت وأنا.. هناك وهنا... كنوارس نداعب صاري السفينة.. فنثير ثائرة اليم.. ونشعل الغيرة في قلب الغيهب.. وننثر البسمات في الأثير.. ليقتات عليها الأنام.. دعنا نتخلص من الأنين والمرارة... ونرسم خيوط أمل.. أحبّك...