كنت كتبت قبل سنوات عن معضلة النشر الجامعي وأذكر أن أحد السادة الوزراء أصدر أمرا بإجراء تحقيق عن مخازن المؤسسات الجامعية التي تصدر كتبا من المال العام للدولة ثم تلقي بها في مخازن حتى تكون طعاما للفئران والغبار والعتمة! ولا أعلم أين وصل ذلك التحقيق ولكن ما لاحظته أنه لا شيء تغيّر فيما يتعلق بهذا الملف الجامعي فالمؤسسات الجامعية وتحديدا كليات الاداب ومعهد الحركة الوطنية ومركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية ومركز النشر الجامعي تقوم بجهد كبير في إصدار الأطروحات الجامعية والدراسات المحكمة ذات المقاييس العلمية الدقيقة وهذه النوعية من النشر مكلفة ماديا وتفتقد للنجاعة لأن التعطيلات الإدارية في مجال التعامل المالي بالنسبة للمؤسسات الجامعية يعوق عملية تسويقها بل يعطل حتى إهداءها للمراكز الثقافية أو للمؤسسات الإعلامية حتى تقوم بتقديمها للقراء وهو الحد الأدنى في تسويق أي منتوج ثقافي. لقد وقفت مرة أخرى في معرض القاهرة الدولي للكتاب عن حجم الجهد الذي تقوم به المؤسسات الجامعية في مجال النشر وهو جهد لا بد من تثمينه والتنويه به سواء في مستوى الشكل أو المضمون ولكن السؤال الذي كان يلحّ عليّ هو لماذا لا نرى هذه الكتب إلا فيما ندر في المكتبات؟ لماذا لا تصل إلى الإعلام (شخصيا لم يصلني أي كتاب من منشورات النشر الجامعي منذ تأسيسه)؟ لماذا كل هذه التعطيلات الإدارية التي تواجه النشر الجامعي؟ أعتقد أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مطالبة ب:أولا توحيد صيغة النشر الجامعي وتمكين مركز النشر الجامعي من إمكانيات أكبر مادية وتقنية ليتحمل أعباء النشر لكل المؤسسات الجامعية وتنقيح قانونه الأساسي حتى يتمكن من مساحات أكبر في التوزيع أو التفويت في النشر الجامعي إلى دور النشر وهكذا تكون الوزارة قد تخلصت من الأعباء الإدارية المرتبطة بمشاكل النشر مع الضغط على التكلفة وفي نفس الوقت تكون قد وفرت لدور النشر سوقا جديدة تمكنها من تنمية معاملاتها التجارية. بهذا فقط يمكن أن يتخلص الكتاب الجامعي من معضلته التي طالت أكثر مما يجب!