كثيرون يتحدّثون هذه الأيّام عن قُرب إطلاق عمليّات تحويل الأموال والدفع عبر الهاتف الجوّال... الغريب أنّهم يزفّون لنا الخبر كالبُشرَى... وكأنّ من السهل على تلاميذ في مرحلة «الدفع بالتي هي أحسن»، أن يصبحوا فجأة ودون تمهيد، أساتذةً في مرحلة «الدفع بالإلكترونيك»!! ماذا سنفعل بكلّ تلك «الخبرة الطابوريّة» المُكتسبة من طول الوقوف في الصفوف، والتسمُّر أمام الشبابيك في انتظار ما لا يأتي، والتدافع بالمناكب، والتفنّن في التلاسن، والمجاوزة عن يمين الصفّ وعن شماله؟ هل نفرّط في هذه الثروة «الواقعيّة» أم نحرص على «إعادة تأهيلها» في العالم الافتراضيّ؟ أيًّا كان الأمر فنحن سعداء بكلّ ما يردم الفجوة التكنولوجيّة بيننا وبين سائر بلاد العالَم...المهمّ أن يكون ذلك مدروسًا حقًّا، وعمليًّا لا «زعْمَزَعْمائِيًّا»... وأن يحدث بسرعة معقولة، أي قبل أن تُصبح هذه «الخدمةُ» نفسُها ديناصورًا تكنولوجيًّا!! ثمّ لماذا لا يُتمُّونَ علينا معروفهم التكنولوجيّ...على غرار الشامبو المزيل للقشرة والزبدة المضادّة للسمنة والياغرت المقاوم للكوليستيرول... فيقترحون علينا خدمة تصيب «الجوّال» نفسَهُ بالسكتة التلفونيّة، في المسارح ودور الثقافة وصالات السينما وقاعات الدراسة، وحتى في الجنازات على رأس الميت...حيث كثيرًا ما نرى أحد ممثّلي الرهط الحداثيّ المزعوم، يَفْرُكُ «جوّالَهُ» كالمحموم، كأنّه ينتظر مكالمةً من «المرحوم»!!