حذّر وزير الداخلية الفلسطيني الدكتور سعيد أبو علي في حديث ل«الشروق» من انفجار الوضع الفلسطيني مجددا نتيجة القرار الاسرائيلي الأخير بضمّ الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال مؤكدا أن الهدف من وراء هذه الخطوة إضفاء صبغة دينية على الصراع وتزوير الحقيقة والتاريخ.. السيد سعيد أبو علي تحدث أيضا في هذا اللقاء على هامش الزيارة التي يؤديها هذه الأيام إلى تونس عن مستجدات ملف المصالحة الوطنية واستئناف المفاوضات وبعض المسائل الأخرى.. وفي ما يلي هذا الحديث.. بداية كيف تنظرون إلى القرار الاسرائيلي الأخير بضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال إلى الآثار اليهودية.. وماذا عن خلفياته وعن الأغراض الاسرائيلية من ورائه؟ هذا القرار هو في الواقع تزوير للحقيقة والتاريخ ومحاولة من الحكومة الاسرائيلية لتهويد الأراضي الفلسطينية وطمس الهوية الفلسطينية.. وهذه المحاولات الفاشلة التي تكثفت بصورة صارخة بمدينة القدس بشكل أساسي علما أن الحرم الابراهيمي بالخليل وكذلك مسجد بلال هي ضمن الأراضي المصنّفة أو الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية طبقا للاتفاقيات المبرمة بين الجانبين غير أن الاحتلال الاسرائيلي يخلق منها بؤرا تخضع لسيطرته.. وهذا أمر مرفوض واعتداء على الحق الفلسطيني وكذلك على الاتفاقيات المبرمة كما أن هذا الإعلان الاسرائيلي هو محاولة لاصباغ الجانب النظري على واقعة الاحتلال العسكري أو السيطرة العسكرية ولا يغيّر من طبيعة الهوية الفلسطينية لهذه المواقع مع أنه يأتي في نطاق استفزاز اسرائيلي ممنهج واستدراج الفلسطينيين إلى حلقات جديدة من التصعيد إلى مربع القوة الذي يحتسبونه لصالحهم هذه المرة بإضفاء صبغة دينية على الصراع المستمر وشعبنا الفلسطيني وقيادته مصرّان على مواصلة رفض هذه السياسات الاسرائيلية والتصدي لها والعمل على تعزيز هوية هذين الموقعين كجزء من النضال الشعبي الفلسطيني المستمر للتصدّي لكلّ مخططات التهويد وتزوير الحقيقة بأمر عسكري. هذه الخطوة الاسرائيلية رافقتها تحذيرات من اشتعال انتفاضة ثالثة.. هل ترون أن مثل هذا السيناريو وراد اليوم في ضوء الانسداد القائم في مسار التسوية؟ إن مأزق ما آلت إليه جهود عملية السلام بسبب استمرار السياسات الاسرائيلية في تهويد الأرض والتنكّر لمرجعيات عملية السلام بما في ذلك مبدأ حلّ الدولتين.. .. هذا الوضع لا يعني بالمطلق ان الشعب الفلسطيني سيستسلم أو يرفع الراية البيضاء.. وإنما كما ابتدع عبر مسيرته النضالية أشكاله في الكفاح إصرارا منه على انتزاع حقوقه في الحرية والاستقلال وإقامة الدولة التي تليق بتضحياته ونضالاته فإنه لن يفقد هذه القدرة الإبداعية في اختراع أشكال النضالية المواتية للمضي قدما نحو تجسيد حقوقه وأهدافه الوطنية مهما طال الزمان أو اشتدت الصعاب والتحديات خيار الشعب الفلسطيني هو تحقيق السلام العادل الضامن لانجاز حقوقه الوطنية وتمكينه بمعنى أن النضال مستمر والمهم هو توفير مقومات الصمود وتعزيز هذا الصمود للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والوحدة الوطنية هي الضمانة لتحقيق النصر الفلسطيني بالارتكاز إلى موقف عربي جماعي انطلاقا من المصير المشترك.. تأكيدكم هذا على الوحدة الوطنية، هل يمكن أن يلقى رافدا جديدا خلال الزيارة التي يتوقع أن يقوم بها وفد من حركة «فتح» إلى قطاع غزة هذا الأسبوع ثم ماذا تتوقعون من هذه الخطوة؟ تعليمات الرئيس أبو مازن وقرار قيادة «فتح» هو عدم الانقطاع عن القطاع والتواصل مع أهلنا في غزّة.. فغزّة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية ومسؤوليتنا تجاه شعبنا في قطاع غزة دائمة ومستمرة على مستوى مختلف الالتزامات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والمالية وهذا ما يدعم أن الحكومة تنفق 60٪ من موازنتها على قطاع غزة لدعم بقاء وصمود أبناء شعبنا في ظل ما يعانيه من حصار جائر وأوضاع صبغة تفاقمت وازدادت صعوبة بعد العدوان الاسرائيلي على القطاع.. أما إذا فهمت الأمر على أنه رسائل من أجل المصالحة فنحن لا نبعث برسائل ضمنية بل نعلن على رؤوس الاشهاد وننادي باستكمال ورقة القاهرة بتوقيع «حماس» عليها للشروع في تنفيذ إجراءات المصالحة على الفور. في هذه الحالة الى اي مدى تبدو حظوظ تحقيق المصالحة قائمة قبل انعقاد القمة العربية برأيكم؟ نحن نتمنى ذلك ولكن يبدو أن هذا الأمر مستبعد.. فالسلطة الرسمية و«فتح» قدّما كل ما يمكن تقديمه من أجل انجاز المصالحة لأن جوهر المصالحة هو الذهاب إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية في جوان القادم ليكون الشعب هو الفيصل بين مختلف الأطراف الفلسطينية.. هكذا هي الديقراطية.. هكذا هي متطلبات التفاني من أجل المصلحة الوطنية العليا ومن يحوز على ثقة الناس ويكسب أصواتهم بوسعة أن يمارس تفويض الشعب به بالحكم.. لماذا هذا الأمر صعب على حركة «حماس» وكل ضمانات تحقيق النزاهة والشفافية لهذه الانتخابات ملتزمون بتوفيرها كما تريد «حماس». هناك توقعات متزايدة هذه الأيام باستئناف وشيك للمفاوضات.. فهل أن هذه التوقعات جدية أم أنها مجرد «بالون اختبار» جديد.. ثم ما الجدوى من هذه الخطوة أصلا خاصة بعد ان اثبتت كل التجارب الماضية فشل هذا المسار؟ ما أؤكده هنا أننا لسنا ضد استئناف المفاوضات ولسنا ضد تحقيق السلام ولكن لاستئناف المفاوضات هناك استحقاقات ينبغي على الجانب الاسرائيلي الوفاء بها والالتزام بهذه المتطلبات والاستحقاقات ليغطي عملية استئناف المفاوضات مضمونا حقيقيا يؤشر نحو اقترابنا أو سيرنا التراكمي لبلوغ وتحقيق عملية السلام بمعنى أننا نرفض المفاوضات من أجل المفاوضات وموقفنا بهذا الشأن يقضي بضرورة الوقف الكامل للاستيطان وفي مقدمة ذلك القدس التي تتعرض إلى عملية تهويد بشكل مكثف ومتسارع ثم الالتزام بمرجعيات عملية السلام.. نحن نريد أن يكون للجنة الرباعية دور أساسي في استئناف عملية السلام.. لا تزال قضية اغتيال القائد العسكري ل«حماس» محمود المبحوح تتفاعل من يوم إلى آخر.. بصفتكم وزيرا للداخلية الفلسطيني.. ما موقفكم مما يجري؟ هناك موقف صدر عن الحكومة بهذا الخصوص يدين عملية الاغتيال هذه وهناك متابعة متواصلة لهذا الموضوع بكل مكوناته وعناصره.