يقدّم اليوم السبت 27 فيفري المسرحي حافظ خليفة مسرحيته التجريبية الجديدة «جوانح المحبة» في حمام سوسة وهي من إنتاج جمعية الشباب المسرحي بحمام سوسة التي تعتبر واحدة من أعرق وألمع فرق الهواية. وقد اختار المخرج حافظ خليفة التعامل مع هذه الفرقة في إطار مشروع مخبري مع الهواة بدأه مع جمعية بلدية دوز للتمثيل في «حس القطا» ويواصله مع جمعية الشباب المسرحي وهو مشروع في أربعة أجزاء قائم على المزج بين مراجع عربية وأخرى غربية وبعد العمل الأول الذي كتبه إبراهيم بن عمر انطلاقا من كتاب المعرّي «رسالة الغفران» و«الكوميديا الإلهية» للإيطالي دانتي يقدّم خليفة عمله الجديد «جوانح المحبة» لنفس الكاتب عن «طوق الحمامة» لابن حزم الأندلسي وستندال الفرنسي في «كتاب الحب». الحب الضائع الحبّ أعزّك الله... هذه الجملة الشهيرة التي بدأ بها ابن حزم كتابه في وصف الحب وأمراضه ومعانيه هي محور هذا العمل المخبري فنحن نعيش زمنا تغيّرت فيه القيم وأصبح الحب مفهوما نادرا وغير قابل للتداول في مجتمعات استهلاكية يقاس فيها كل شيء بالنجاعة المالية حازم ومهدي صديقان يقرران القيام برحلة بين مدن الشرق والغرب بحثا عن الحب المفقود يعيشان مغامرات ومواقف يمتزج الجد فيها بالهزل ألم يقل ابن حزم «الحب أعزك الله أوله هزل وآخره جد» ومن خلال هذه الرحلة يكتشفان العالم ويختبران الناس، إنها رحلة في المكان والزمان في التاريخ والجغرافيا وقد صاغها خليفة في أسلوب مسرحي قائم على تقنيات الكوميديا المترجلة (الكوميديا دي لارتي) التي خبرها في روما واستعملها ببراعة في أكثر من عمل مسرحي إلى جانب تقنية القناع وخيال الظل واستعمل تقنية تقطيع المشهد المسرحي باستعمال ثلاثة مستويات للإضاءة مما منح المسرحية طقسا شعريا. لماذا الهواة؟ كثيرون تساءلوا لماذا يصرّ حافظ خليفة بتكوينه الأكاديمي التونسي الإيطالي على التعامل مع الهواة وهو سؤال وجيه لكن حافظ خليفة يعتبر أن المشهد المسرحي في تونس غابت فيه القيم والمقاييس الفنية فاختلط الحابل بالنابل فتجد أعمالا مصنفة على أنها محترفة وهي لا تملك من الاحتراف إلا الاسم في حين تجد أعمالا للهواة تتفوق في قيمتها الفنية على أعمال المحترفين وقد كانت مسرحية «حس القطا» التي شاركت بامتياز في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي نموذجا لهذه الأعمال. مشروع حافظ خليفة في جزئه الثاني الذي سيعرضه اليوم في مدينة حمام سوسة يثير الاهتمام والجدل فما يفتقد إليه المسرح التونسي هو المشروع فمنذ الستينات والسبعينات افتقدنا المشاريع المسرحية ذات البعد الفني فهل تكون «جوانح المحبة» حدثا مسرحيا؟