عقاقير وأعشاب تعالج ما استعصى على الطب كالسرطان والعقم وأمراض الكبد وبعض أنواع الأمراض الجلدية ك«الصفرة»، وهي قادرة أيضا على علاج الصّرع والأمراض النفسية ويمكنها التخفيض من وزن البدينات، وآيات قرآنية، وأحاديث شريفة لعلاج عديد الأمراض. هذا نموذج من كشف طبّي لبعض المرضى عن بعد أي عبر الفضائيات حيث بامكان المرضى الميؤوس من شفائهم بسبب تفشي المرض أو بسبب عجز الطب الحديث عن معالجة هذا المرض لا سيما منها الأمراض الجرثومية (السرطان السيدا التهاب الكبد الفيروسي). الاتصال عبر الهاتف للحصول على وصفة طبّية. ظاهرة التداوي عبر الفضائيات تطرح عديد التساؤلات سيما وأن لهم ممثلين في تونس وهي: «ما مدى مصداقيتها في عالم الطب والعلاج؟ وما هو موقف الأطباء من هذه الظاهرة؟ وما هو رأي الدين ومنظّمة الدفاع عن المستهلك في هذه الطريقة؟ ومن يحمي صحّة الانسان من الشعوذة؟ «الشروق» بحثت عن أجوبة لكل هذه الأسئلة وغيرها في التحقيق التالي. ما فتئت القنوات الفضائيّة التي تهتم بالعلاج عن طريق عقاقير وأعشاب طبيّة في تزايد مستمرّ خاصة بالدول العربية حيث يطل علينا أحد الأطباء ليقدّم بعض «الوصفات» لعلاج مرض استعصى على الطب والغريب أن الطبيب يدّعي أنه مرخّص له من قبل سلطة الاشراف والأدوية التي يروّجها تتمتّع كذلك بالترخيص ولا عزاء لصحة المواطن جرّاء الانعكاسات السلبية العديدة التي تحدث له جرّاء التورّط في استعمالها والانسياق وراء النصائح الوهمية. وتمكّنت هذه الفضائيات من شدّ انتباه الكثيرين لا سيما منهم ربّات البيوت والذين يعانون من مرض لم تتمكّن الادوية من علاجه. هؤلاء يصفهم الدكتور سمير الغربي بالغريق الذي يمسك بقشة عساها تنقذه من الغرق رغم أنه يعلم جيّدا أنها لن تتمكّن من ذلك. وأضاف أن الطب الحديث يستنكر استفحال هذه الظاهرة التي تروّج للوهم والشعوذة وتدخل المريض في متاهات عديدة وأضرار صحيّة لا يحمد عقباها. وقال: «الأدوية المرخّص لها لا تنطلق عملية ترويجها إلا بعد تجارب عديدة والتأكّد من تجنّب أكثر ما يمكن من الانعكاسات السلبية للمواد المتركّبة منها فكيف الحال بأدوية لا ندري أين وكيف صنعت أو أعشاب وعقاقير قد تحتوي على مواد سامّة ومضرّة». وأضاف أن طريقة العلاج عن بعد ودون التشخيص المباشر للطبيب ضد أخلاقيات المهنة لأنها تقوم بالاشهار المجاني للأدوية ولأن الأطباء تورّطوا في الترويج للأدوية. واعتبر أن هذه الفضائيات تستعمل أساليب ملتوية وترتكز على نقاط ضعف الطب الحديث كعدم تمكّنه من التوصل الى علاج بعض الأمراض المزمنة وتستغلّ يأس المريض وبحثه عن حل ولو وهمي. وختم بأنه لابد من توعية المواطن بضرورة الابتعاد عن هذه الفضائيات وعملية التداوي عن طريقها كما يتعيّن على سلطة الاشراف مراقبتهم والتصدّي لمخاطرهم لأن لديهم ممثّلين في تونس. ظاهرة خطيرة السيد حبيب العجيمي عضو المكتب الوطني لمنظّمة الدفاع عن المستهلك مكلّف بالاتصال قال: «المنظمة تتابع تفشّي ظاهرة العلاج عبر الفضائيات وتعوّل على وعي المواطن في التعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة». وفسّر بأن خطر الظاهرة يكمن في انسياق المواطن وراء الاشهار الكاذب لبعض المواد وطرق العلاج فتأخذ منه الكثير من المال مقابل الشعوذة والسقوط في الوهم. وذكر أن الأمر المخيف أكثر هو أن هذه الأدوية تروّج في تونس لأن الفضائيات تصرّح بأن لها من يمثّلها ببلادنا. وأكّد أن المنظّمة تعتبر أن الطب هو المتعلّم بالعلم أما ما تروّجه هذه الفضائيات فهو الوهم بعينه. ودعا الى الابتعاد عنها والقطع مع كل اشكال الاستغلال بهذه الطريقة. ولرجال الدين أيضا رأيهم في هذه المسألة ذلك أن ظاهرة العلاج بالآيات والأحاديث ما فتئت تتزايد خلال السنوات الاخيرة. وفي هذا المجال أفاد الشيخ أحمد الغربي أن الفضائيات تتوفّر على الغث والسمين وأغلبها تعمل على تمرير رسائل لها غايات معيّنة كالربح المادي. وأعتبر أن ذلك يتجاوز الدين ويستوجب التصدّي له. وأضاف أن هناك أناسا يستغلون مشاعر الناس ونقاط ضعف الانسان ويستعملون الدين لتحقيق الربح المادي وقال: «الله سبحانه وتعالى خلق الدنيا والأسباب والمسببات لولا ذلك كنا لجأنا الى غلق كليات الطب والمستشفيات ومراكز الصحة واتبعنا الشعوذة وهي ضد الدين والسنة». وقال: «كل من يدّعي أنه قادر على علاج مرض استعصى عنه الطب فهو استهتار بالناس». وأضاف أن الرسول ص أمرنا بالتداوي وبالتالي يجب أن ننبّه الناس الى تجنّب الخرافات والتوجّه الى الطبيب المختصّ. وأشار الى أنه لو اتّكلنا كلّنا على هذه الأساليب لتم إلغاء العلم والمدرسة والمعهد والبحوث وكل الشهائد العلمية وهذا ما لم يدع إليه الاسلام بل حرّمه ودعا الى الأخذ بجميع العلوم. وخلص الى القول بأن هذا ما يجب أن نعدّ له القوّة العلمية والقوّة الاقتصادية وليس الشعوذة والوهم لقوله تعالى: «وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة».