الى جانب ما تزخر به مدينة حضرموت (سوسة) من معالم تاريخية (السور، الجامع الكبير والرباط) فإنها تميزت بثراء عاداتها في مواسم الفرح ومناسباته. فماذا يمكن أن نعرف عن عادات الزواج في جوهرة الساحل وكيف كان يتم هذا الفرح الكبير سنوات 1920 ميلاديا مثلا؟ في دراسة له بمجلة منارة الساحل التي كان يديرها الأستاذ الراحل عبد الحفيظ بوراوي نشر الأستاذ حسين الحاج يوسف دراسة تحت عنوان «تقاليد الزواج بمدينة سوسة.. في النصف الأول من القرن العشرين». ككل زواج تقليدي يمر الشاب الراغب في الارتباط ببنت الحسب والنسب بعديد المحطات فمنذ ولادة البنت تنطلق والدتها في التفكير في مستقبلها. وبأسلوب جميل وطريف يقول الأستاذ حسين الحاج يوسف منذ ان تولد البنية السوسية وتحبو وتدب تبدأ أمها في التفكير فيها وما يأتيها فتطيل لها شعرها وترمي منه خصلات على صدرها وتنشر الباقي على ظهرها وتدخلها لمنزل المعلمة العريقة لتتعلم الطريز والخياطة النظيفة. وتطفق أمها تنتظر طرق الباب ووصول الخطاب والفتاة تواصل ظفر شعرها وتطيله، لا تنساه لا في الليل ولا في النهار. فزينة الفتاة في طول شعرها الذي تتدلل به في خلوتها وحنتها. الخطوبة اذا عاينت الخاطبة الفتاة فهي ترجع الى أم الأبن وتنطلق في الوصف وتزيد في وصف مالبسته العروس وتضخم وتسرف بعد أن ادعت لأم الفتاة أنها تزورها للتطريزو الخياطة بينما هي في الحقيقة قادمة للمعاينة وتقييم منطق الفتاة وخطاها وتربيتها وحيائها. ترجع الخاطبة الى مرسليها «رأسها أعلى من ساقيها تلهج بحمد الجمال والزين وسواد العين».... الصداق لم يكن «السواسة» يولون عناية لهذه المناسبة حيث لا يحيون سهرة بفرقة. هو صداق عادي وعبارة عن لقاء بين والدي العائلتين المتصاهرتين فإذا كان الاتفاق كان المرور الى الشاهدين وكتاب صداق الخطيبين في الحين. وقد صار الصداق بعد سنوات يعقد بأحد مساجد المدينة فيحضر فيه كل مدعو وسامع الموعد هو يوم الاثنين أو الخميس لإبعاد الشيطان والعين. ويذكر هنا الاستاذ حسين الحاج يوسف ان الفتاة يذهب اليها العدلان الى منزل الأبوين فتمضي الصداق (العقد) دون أن يرياها رؤية العين وفي هذه المناسبة توزع المشروبات والزبيب على المدعوين والحضور. القفة يستدعي العريس أهله واصدقاءه لحمل القفة الى دار العروسة ومعها ثور وعدد من الخرفان ليكفي الطعام الأهل والضيوف. وقفة الحناء بأربعة عرى يحملها اربعة رجال مع صاغة العروس وتسير القافلة مع 3 صانعات يضربن الدف وسط التهليل والزغاريد.