بالتأكيد أن «معركة القدس» هي معركة فاصلة وأساسية، إذا ما دخلها أبناء فلسطين، فإنهم سيواجهون قوات الاحتلال بلا هوادة. والأكيد أن إقدام قوات الاحتلال الصهيوني، على تدشين ما تدّعيه «كنيس الخراب» قرب أسوار الحرم القدسي، جاء بفعل أمرين إثنين: تأكيد إدارة أوباما بما لا يدع مجالا للشك بأنها الحليف الذي لا يتغيّر بالنسبة الى إسرائيل، وبفعل هذا الضعف العربي والتشتت داخل الصّفّ الفلسطيني. إذا أن «إسرائيل» ما كانت لتقدم هكذا، وبدون خوف ولا خشية من المجتمع الدولي، لولا الوقوف الصارم والملتزم من واشنطن تجاهها. فالولايات المتحدةالأمريكية تحكم قبضتها على العالم، وتسيطر على الارادة الدولية في الأممالمتحدة، وحتى الذي حصل في البيت الأبيض حين ذهب بوش وأتى أوباما، لا يدخل سوى في خانة التعديل الداخلي وليس التغيير في الجانب الاستراتيجي. «اسرائيل» اليوم ووفق الضعف العربي والهوان الذي يصيب الفعل السياسي فيه، أضحت هي من يختار توقيت الحروب، وحرب في عهد التشتّت الفلسطيني وغياب القرار العربي الموحّد، تعني مذبحة للفلسطينيين، مثلما بدأت تقدم عليه، اسرائيل أمس في القدسالمحتلة. والوضع على ما هو عليه، والمشهد العربي والفلسطيني، كما أشرنا إليه آنفا، لا يمكن انتظار موقف من المنظمات الحقوقية ولا من «حافظي» شرعة حقوق الانسان، موقفا معاكسا للصمت مع الفرجة كما نراها الآن، والاحتلال الصهيوني يعبث بالأرض الفلسطينية ويعتدي على المقدسات تدميرا وتهويدا، ويطلق الكلاب أمام كاميرات الوكالات والتلفزيونات عبر العالم، تنهش أجسام المتظاهرين الفلسطينيين، وتمنعهم حتى من التعبير عن الغضب في يوم الغضب الفلسطيني، بطرق التظاهر والهتافات وإطلاق بعض من حجارة. هل دقّت ساعة المعركة، معركة القدس؟ الأكيد أن معركة القدس هي من المعارك الفاصلة في تاريخ احتلال فلسطين، إذ أن محاولات التهويد كما محاولات الاعتداء على المقدسات العربية الاسلامية، باءت دوما بالفشل وذلك منذ أكثر من ستة عقود. اليوم يتملّك أبناء فلسطين عموما، وأبناء القدسالمحتلة خصوصا، شيء من الغضب، في حين تصمت الأمة، وتصمت معها منظمات حقوق الانسان، والجميع يشاهد ويشهد حجم الاعتداءات الصهيونية على الانسان وعلى الأرض وعلى الحضارة في فلسطين، وهو حجم فظيع ومتواصل. «معركة القدس» إذا ما دقّت ساعتها، فإن البداية كما نهايتها، لن تكون بيد الاحتلال، بل كلاهما سيكون بيد الشعب الفلسطيني.. فقد طال انتظاره لموقف عربي، يضغط ليحيي موقفا دوليا، كان الى حدود سنوات معدودة، يخجل من صمت أو من غياب ردّ فعل، حين تقترب جرّافات الاحتلال ومستوطنوه من القدس معالم ومساجد وكنائس.. اليوم، ما عاد الفلسطيني، يؤمن، بالتأكيد أن هناك أي أمل في موقف أممي، يرفع عنه الظّلم، ظلم بلغ مداه في فلسطين..