تعالت في اليومين الأخيرين باليابان، البلد الأول عالميا في استهلاك التن الأحمر الأصوات المناهضة للقرار المزمع اتخاذه الخميس القادم (25 مارس) من قبل اللجنة الدولية للمحافظة على التنيات حول منع صيد وتجارة التن الأحمر في دول الأطلسي والمتوسط، ومنها تونس.... وكانت هذه اللجنة قد شرعت يوم السبت الماضي في مناقشة هذا الموضوع بالعاصمة القطرية الدوحة بدعوة من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية ودول أخرى ومنظمات غير حكومية ترى كلها أن سمك التن بمختلف أنواعه بات اليوم مهددا بالانقراض من البحر المتوسط والمحيط الأطلسي في ظل «تعسف كبير» على حد قولها، في صيده، ولا بد بالتالي من حمايته... وذكرت مصادر اعلامية أن الصين المستهلك العالمي الثاني للتن الأحمر، عبرت بدورها عن تضامنها مع اليابان المستهلك الأول بنسبة 80% من الاستهلاك العالمي، وذلك للوقوف الى جانب الدول المعنية بقرار المنع ومنها تونس... ويبدو أن الأمر سيتحول الى موضوع سياسي واسع في ظل حصول انشقاق كبير في مواقف الدول حول هذا الموضوع.... ولم يتضح ان كان قرار «المنع» المزمع اتخاذه سيكون لمدة محدودة أو مطولة... ومهما كان الأمر، فإن الدول المعنية لم تخض الآن في مسألة المدة بقدر ما تعارض قرار المنع أصلا... ذلك أن صيد التن الأحمر وتصديره يمثل نشاطا اقتصاديا هاما في هذه الدول ويرتزق منه كثيرون سواء في الصيد أو في مصانع التعليب وشركات التصدير ومن الطبيعي أن يؤدي «المنع» الى «بلبلة» اقتصادية فيها... بطالة عبّرت الدول المعنية بمنع صيد وتصدير التن عن تخوفها من تأثيرات القرار المزمع اتخاذه على التشغيل.. ففي تونس مثلا تقدّر الجهات المعنية عدد البحّارة في صيد التن بأكثر من 700 ينضاف لهم مئات آخرين في معامل التحويل والتعليب وفي شركات التصدير إضافة الى التجار، وهم كلهم مهدّدون بافتقاد موارد أرزاقهم في صورة اتخاذ القرار.. تصدير تصدّر أغلب الدول المنتجة للتن الأحمر جانبا كبيرا من انتاجها، وذلك خاصة الى اليابان والصين حيث الاقبال المكثف على استهلاك هذه المادة، وفي ظلّ ندرتها هناك.. ففي تونس مثلا، يقع تصدير حوالي 1060 طنا في العام منها حوالي 90٪ الى اليابان وهو ما يوفر عائدات بما لا يقل عن 50 مليارا من مليماتنا سنويا.. وفي صورة إقرار المنع، فإن الوقع سيكون وخيما على قطاع التصدير في منتوجات البحر التي تمثل 17٪ من صادرات المواد الغذائية.. معارضة عبّرت تونس، عبر ممثليها الرسميين في اللجنة الدولية للمحافظة على التّنيّات عن رفضها هذا القرار بالنظر الى ما سيخلّفه لها من نتائج سلبية خاصة على مستوى بطالة البحارين وغلق المصانع.. وأكد الموقف ذاته أن إحالة صيادي التن على البطالة سيدفعهم الى استغلال المراكب والتجهيزات المتوفرة لديهم (حوالي 40 مركبا) في صيد الأصناف الأخرى من السمك، وهو ما سيهدّد الثروة السمكية بشكل عام، ولا يتماشى مع روح القرار الذي اتخذته الحكومة السنة الماضية حول الراحة البيولوجية، وحتى في الدول الاوروبية المتوسطية نفسها، فإن هذا القرار يلقى قبل اتخاذه بشكل نهائي معارضة كبرى من مهنيي صيد وتعليب التن الأحمر بما أنه سيحيلهم كذلك على البطالة. تعويض ذكرت مصادر اعلامية نقلا عن مصدر من الاتحاد الأوروبي ببروكسال أنه يجري الآن تفكير «دولي» في رصد تعويضات مالية للمتضررين من قرار المنع (بحارة ومصانع) أو في تقديم أية مساعدات أخرى لهم تمكنهم من توفير مورد رزق.. وأكد المصدر ذاته أن العمل بالمنع قد يبدأ في نهاية 2010 وعلى أقصى تقدير في أواسط 2011. عالمي تحدثت مصادر أخرى عن امكانية طرح مسألة المنع العالمي لصيد التن الأحمر خلال مؤتمر الدوحة.. لكن التخوف من ارتفاع حدة المعارضة من عدة دول قد يحول دون ذلك، خاصة من دول عرفت بإقبالها الشديد على التن الأحمر كاليابان والصين. محلّي؟ هل يؤدي قرار المنع في صورة اتخاذه الى حرمان سكان الدول المعنية من استهلاك التن محليا؟ تبدو الاجابة عن هذا السؤال بالسلب في ظل الحديث عن السماح للصيادين بمواصلة صيد التن الأحمر بالطرق «التقليدية» ولتوجيهه للاستهلاك المحلي فقط.. وبالتالي فإن المنع يهم فقط الصيد «الصّناعي» المكثف الذي تكون الغاية منه التحويل والتعليب قصد التصدير أو توريد الحيتان المجمّدة والمبرّدة.. غير أن هذا الاستثناء قد يشمل مناطق محدّدة دون الأخرى أو قد يكون موزعا بينها بصفة دورية.