وأنتم تتأهبون أيها الرؤساء والملوك والأمراء العرب لعقد القمّة العربية بليبيا، رغم اقتناعي بعدم جدواها كمواطن عربي من جيل النكسات، واكب عديد القمم التي لم ننل منها سوى الغم والهم والسقم، وهي من الأسباب الرئيسية للأمراض المزمنة التي أصيب بها جيلنا منكود الحظ، لكن لا بأس رغم ذلك من أن «أفرشك» آذان قادتنا ببعض المراهم التي قد تساعد على تجاوز مرحلة التهديد والوعيد والتنديد، أطلب منهم كمواطن عربي مصاب بالنكسة العربية طويلة الأمد، أن يتذكروا أثناء القمة وقبل اتخاذ القرارات النهائية المعلومة مسبقا كيف يصلّي الفلسطينيون في المسجد الأقصى تحت تهديد سلاح الصهاينة، كيف يضرب الجنود الاسرائيليون الأطفال العزّل بأعقاب البنادق بكل وحشية أرجو أن يضعوا نصب أعينهم كيف يخاطب أهالي الجولان بعضهم البعض عبر مضخمات الصوت يا للعار وكيف أجبر الجنود الصهاينة مزارعين فلسطينيين على نزع ملابسهم حتى الداخلية منها قبل السماح لهم بالمرور، وذكّر فإن الذكرى قد تنفع قادتنا. كيف قرر الاسرائيليون بناء 1600 وحدة استيطانية يوم قرروا هم قادتنا استئناف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، فليتذكروا أيضا قرار إسرائيل بضم الحرم الإبراهيمي للتراث اليهودي يا للفضيحة وهذه قطرة من بحر معاناة إخواننا في فلسطين الذين أطلب منهم بهذه المناسبة تحمل مسؤوليتهم وأن يتقوا اللّه في شعبهم ووطنهم وأن يضعوا حدّا للفرقة والتناحر والتلاسن هذا عيب واللّه عيب «منين نشدّوها» ألا يدعو كل ذلك العرب حتى إلى التململ؟ وهذا أضعف الإيمان، صمتهم المريب هو في حدّ ذاته مصيبة لا تقلّ شراسة عما فعلته وتفعله إسرائيل، نحن الشعوب نريد من قادتنا الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة فليصارحونا بحقيقة مواقفهم تجاه القضية، لا نريد أن يكون إيماننا بهم كإيمان العجائز، نريد الملموس والمحسوس وأظن أنه مفهوم نريد منهم أن يكبحوا جماح هذا الكلب المسعور المسمى إسرائيل لأن الهولوكست الحقيقي هو ما يتعرض له الفلسطينيون من قمع وقتل وتشريد وتهجير وإرهاب. نريد منهم قطع الطريق أمام البعض إياهم ومنعهم من التغلغل داخل بطن الأمة العربية وتمزيق أحشائها وتقطيع أوصالها لتنفيذ أطماعهم التوسعية ولينظروا لما فعلوه ولا زالوا يفعلون بعراق العزّة والكرامة وما فعلوه ولا زالوا يفعلونه باليمن لتقسيمه بواسطة البعض من أبنائه الضالين الظلاميين، وما فعلوه من احتلال جزر أبو موسى والطنب الكبرى والطنب الصغرى مع الإصرار على تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي. يا عرب، يا قادة العرب، لنا كل المقومات التي تجعل أعداء الأمة يرتجفون رعبا، لكن مع الأسف، ماذا نفعل إذا كان لنا الحقل ولهم العقل، لنا حق الرقبة ولهم حق الاستغلال، لنا آبار البترول ولهم حقوق الانتفاع بها، نرجوكم أيها القادة العرب بل نترجّاكم، دعونا من القمم التي تخرجون على اثرها أكثر فرقة وغربة وانقساما والتي أصبحت مدعاة للسخرية والتندّر، لا فائدة من قمّة بها أقوال بلا أفعال، بها تهديد وتنديد بلا تنفيذ، نريد قمة تصدر عنها قرارات جريئة مع النفاذ العاجل، فما فائدة قمة إذا لم ترتعد الأعداء لمجرّد تعيين موعد انعقادها، فإما قمّة حاسمة تغيّر مجرى التاريخ وتوقّع على طلوع فجر جديد للأمة العربية والإسلامية تتداول أصداءه الأجيال جيل بعد جيل وإما فلا.. نريدها قمّة الثأر للشرف العربي المهدور. قمة الثأر للمواطن العربي المقهور، قمّة العبر على مرّ العصور. نريد أن تسجلوا أسماءكم في سجلات البطولة والشرف، لا نريد أن تذكركم الأجيال بعد دهور بأنكم فعلتم بالأمة ما فعله بنو الأحمر بالأندلس، تذكروا القدس، وإذا لم تستطيعوا الذود عن حمى القدس فإننا سنقول لكم «رُوحوا» فإن للقدس ربّا يحميه.=