ما انثنت وما طأطأت رأسها وما التوى عنقها وذراعها وما تكسّرت نصالها وما هوت رماحها وما سكتت أصوات بنادقها.. وقد هبّت عاصفة الصحراء ونفخت في الحريق فكان الدخان وجاء فزع القيامة وكان الذهول وبغداد المنصور عاصمة الرشيد ما انحنت مثل نخيلها صامدة صابرة.. وحدها في الخنادق والحفر ترابط والجراح على الجراح تنزف ما أثثتها تلك الصواعق ولا جحافل الدبابات ولا هدير الطائرات.. طلائع فرسانها الأشاوس على الجياد يركضون يسابقون الريح والبروق والرعود خلف هولاكو الجديد في كل شبر من الوطن الحبيب وأقسموا بالشهداء الأبرار وباسقات نخيل العراق ومدينة المآذن وذرى جباله الشاهقات.. أن يدحروا الغزاة حتى وإن لم يبق غصن شجر وأن يشيعوا جنازات الصهاينة والأمريكان في صناديق مجردين من الأكفان تحت وابل الحجارة والنعال ولعنات مردوخ وعشتارت وكل حرائر.. عراق الأسود منبت الأبطال منذ بدء الخليقة الى رمز الأمة المغوار