أنقرة – «الشروق» – حوار أمين بن مسعود: حذر الكاتب السوداني عبد الرحمان إبراهيم من خطورة التحركات والتصريحات الأخيرة للمعارضة السودانية.. واصفا إياها ب»المؤشرات غير الطيبة» على انتخابات انتظرها السودانيون لمدة عشرين عاما كاملة. ورجح إبراهيم في حوار مع «الشروق» في أنقرة انتصار الرئيس عمر البشير في الانتخابات بفارق كبير على باقي المرشحين متوقعا حصول بعض أعمال العنف من قبل أطراف سياسية لن تستسيغ ثقة السودانيين الكبيرة في المؤتمر الوطني عامة والبشير خاصة.. وفي ما يلي نص الحوار : بصفتكم محللا سياسيا متابعا للشأن السوداني كيف تقرؤون المشهد السياسي عشية الانتخابات الرئاسية؟ تأتي الانتخابات الحالية في صلب نظام سياسي استمر لعشرين عاما تحولت خلال هذه المدة معظم القوى السودانية المسلحة الكبرى إلى حركات سياسية سلمية.. بدءا بالمعارضة «الشمالية» التي بدأت كحركة احتجاجية مسلحة وانتهت إلى معارضة سلمية.. نهاية بالقوة العسكرية الجنوبية التي انخرطت في المشاركة السياسية عقب حرب طويلة استمرت أكثر من خمسين سنة.. الأمر الذي يكسب الانتخابات الحالية زخما كبيرا جدا.. يضاف إلى كل هذا هدوء الأحوال الأمنية في دارفور وخفوت الدعاية الإعلامية وتقلص الضغط الدولي على السودان.. كل هذه الأسباب جعلت المنافسة الانتخابية محتدمة بين القوى السياسية السودانية.. وأوجدت حالة قوية من الاستقطاب السياسي ترجمت عن نفسها بمحاولات بناء التحالفات.. مما أفرز ترشح اثني عشر مرشح لرئاسة الجمهورية انسحب منهم مؤخرا أربعة مرشحين أبرزهم الرئيس عمر البشير (المؤتمر الوطني ) وحسن الترابي.. وتشير معظم الاستطلاعات إلى ازدياد فرص الرئيس الحالي عمر البشير والذي استمر حكم حزبه لعشرين عاما واستطاع خلال تلك المدة القفز بالسودان في معظم المجالات (الاقتصادية ,الاجتماعية، السياسية, العسكرية والأمنية ).. في الفوز في الانتخابات . هل معنى هذا أن النتائج محسومة لصالح البشير؟ أتوقع انتصارا حاسما لصالح البشير وبنسبة أصوات عالية.. وهذا يعود أولا إلى قوة حزب المؤتمر التنظيمية وكفاءة كوادره القيادية.. وثانيا إلى ضعف المنافسين المنقسمين على أنفسهم داخل أحزابهم.. والذين أثبتوا عجزهم عن التعبئة الجماهيرية والاستقطاب الشعبي طيلة السنوات الأخيرة . ألا تخشون من حدوث أزمة سياسية في السودان.. لا سيما وأن قادة المعارضة بدؤوا في الحديث عن أزمة ثقة في الحكومة وعن عمليات تزوير واضحة تتربص بالانتخابات ؟ أنا أعتبر أن هذه التصريحات تدق ناقوس الخطر في البلاد ولا تمثل مؤشرات طيبة لانتخابات انتظرها الشعب السوداني لعشرين عاما كاملة.. وعلى ضوء ما رجحته انفا بانتصار البشير بنسبة كبيرة أتوقع رفض أحزاب المعارضة لهذه النتائج.. مما قد يؤدي إلى اعتماد بعض الأطراف للغة العنف.. ومما يدعم هذا الموقف طلب عدة أحزاب تأجيل الانتخابات وتبليغها عن اتهامات مسبقة بتزوير الانتخابات إضافة إلى دعواتها المتكررة وغير الموضوعية إلى تكافؤ الفرص الإعلامية بين المرشحين الرئاسيين.. بعد الاستحقاق الرئاسي، ينتظر السودان استحقاق تقرير المصير للجزء الجنوبي للبلاد.. ماهي النتائج التي ترجحونها.. وهل أن البلاد ذاهبة نحو الوحدة أم إلى التشرذم ؟ أكاد أجزم بأنه سيؤدي إلى الوحدة بين الشمال والجنوب.. وسيظل شكل الحكم كونفدراليا بحيث يظل الجنوب كدولة شبه مستقلة تحكمها الحركة الشعبية.. وهذا في تقديري يعين السودان على الاستقرار وسينعكس إيجابا على مصر من ناحية عدم وجود دولة جديدة في منطقة حوض النيل . هل أن وثيقة الإطار التصالحية الموقعة أخيرا في الدوحة قادرة على الصمود أمام تحديات الانتخابات الرئاسية واستفتاء تقرير المصير؟ هو اتفاق قادر على الصمود باعتباره يتضمن عدة عناصر مهمة منها : تطبيع العلاقات السودانية التشادية، الاتفاق مع حركة العدل والمساواة وهي الفصيل الأقوى والموجود على الأرض على وقف إطلاق النار، السعي إلى تحسين الوضع الأمني والإنساني في دارفور، التزام الوساطة القطرية بالمساعدة في إعمار دارفور عبر إنشاء بنوك للتنمية بمليار دولار أمريكي.. مما يشكل فرصة لن تتكرر لأهل دافور لإعمار الإقليم ووقف الحرب. مساعي المدعي العام للمحكمة الجنائية للتدخل في الشأن السوداني لم تتوقف، كما أن المخططات الدولية لتقسيم البلاد وتفتيتها لم تنته.. كيف بإمكان الخرطوم أن تواجه هذه المؤامرت الغربية مع التمسك بالاستحقاقات الانتخابية ؟ القوى الاستعمارية لم تدخر جهدا في محاولاتها المتكررة لإخضاع السودان وإدخاله «بيت الطاعة الدولي».. بدءا بالحصار الاقتصادي والعسكري الغاشم على البلاد ومرورا بفرض العقوبات الجزافية وبتوجيه ضربات عسكرية ضد منشات مدنية مثل مصنع الشفاء للأدوية.. وصولا إلى تحريك القوى السياسية السودانية والمنظمات حتى تزيح النظام القائم بيد أن كل جهودها باءت بالفشل.. والأكثر من هذا أنه حينما قبل البشير إجراء انتخابات والمشاركة فيها بعد التوقيع على اتفاق السلام مع الجنوب وعندما تيقن الغرب أن البشير أكثر المرشحين حظا في الفوز بها أدخلوا البلاد في دوامة ما يسمى بالجرائم ضد الإنسانية «مسألة دارفور»..من أجل إضعاف البشير والحيلولة دون مشاركته في الانتخابات الرئاسية وهو ما يؤكد أن المحكمة الجنائية تحولت إلى أداة سياسية في أيدي القوى الامبريالية ونأت عن دورها القانوني.. ولذلك فأرى أن على السودانيين الالتفاف حول قياداتهم الوطنية وعدم الانجرار وراء أراجيف القوى الكبرى والتمسك أولا وأخيرا بالوحدة الوطنية .