التقاها في القاهرة: نور الدين بالطيب عاشت عبلة الرويني مع الشاعر أمل دنقل سنواته الأخيرة وكانت شاهدة على موت ذلك الشاعر الكبير الذي صرخ «لا تصالح» قبل أن يخطو أنور السادات خطوته غير المسبوقة نحو الصلح مع الكيان الصهيوني. عاشت عبلة مع صاحب «البكاء بين يدي زرقاء اليمامة» وكانت شاهدة على أوراق الغرفة رقم 8 التي مات فيها الشاعر أمل دنقل أحد هامات الشعر العربي الحديث التي لن تنسى. «الشروق» التقتها في هذا الحوار في القاهرة. عشت معه سنواته الأخيرة وكنت الأقرب إليه، ماذا بقي من أمل دنقل؟ بقي الكثير، بقيت أشعاره وإنجازه الشعري وبقي إنجازه الانساني وتجربته الانسانية العميقة وتجربة إرادة ومواجهة مع الموت وتجربة حرية، شاعر حرص على امتداد السنوات أن يكون دائما نفسه وأن يبحث عن ذاته وحريته ولا يتنازل عن ذلك أبدا.. أمل دنقل مشروع إنساني ومن يقرأ قصائده يستطيع أن يتلمّس ملامحه الانسانية وخصائصه الشخصية ومن يعرفه شخصيا يستطيع أن يعرف قيمه الجمالية ولا توجد مسافة بين ذاته كإنسان وشعره لا توجد مسافة بين القصيدة وبين الانسان. ما الذي لم ينشر الى حدّ الآن؟ هناك بعض القصائد من بداياته خارج سياق الدواوين المعروفة والمنشورة. هل ترك مذكّرات؟ لا أمل لم يكن يكتب مذكرات ولم يكن يحبّ النثر أيضا وكان كسولا في كتابة النثر بل لم يكن يحبّ النثر أصلا فقد كان مخلصا للشعر وحده حتى النثر كان يعتبره خيانة للشعر ولا توجد مذكّرات ولا توجد كتابة نثرية إلا قليلا تعدّ على أصابع اليد الواحدة، أربع مقالات غير منشورة عن أسباب نزول القرآن الكريم وكتب مقالين أحدهما قراءة في مجموعة «كائنات مملكة الليل» لأحمد عبد المعطي حجازي ومقال عن صلاح عبد الصبور «شاعر لكل العصور» ولأنه أيضا لا يحب النثر كانت رسائله قليلة جدا ربما رسالة أو إثنتين أو ثلاث لا أكثر. كم من سنة عشت معه؟ أربع سنوات تقريبا. كنت شاهدة على الأيام الأخيرة؟ نعم كنت شاهدة على «أوراق الغرفة رقم 8» التي كتبها في أيامه الأخيرة في المستشفى. كتبت عنه «الجنوبي» ماذا بعد هذا الكتاب؟ بعد «الجنوبي» قدمت أعمالا أخرى كثيرة بعيدا عن التراث الشعري لأمل دنقل، «شعراء الخوارج» وهو قراءة في أعمال ثلاثة عشر شاعرا معاصرا اعتبرتهم متمردين خارج السياق الشعري ولم أكتب يوما عن شاعر تقليدي لأن ذائقتي تتجه في هذا الاتجاه وكان هناك كتاب آخر بعنوان «حكي الطائر» دراسة في أعمال المسرحي السوري الراحل سعد اللّه ونّوس قراءة في النص المسرحي وقراءة في العرض المسرحي أيضا. أقرأ النصّ ثم أتبعه بقراءة للعرض وهناك كتاب آخر هو «نساء حسن سليمان». قراءة في مجموعة من لوحات الفنان حسن سليمان وفي استخدامه لمجموعة من «الموديلات» النسائية لأنه عمل على «المودال» العاري.. قراءة فنية اجتماعية وتشكيلية. كيف ترين المشهد الشعري العربي الآن؟ ليس منفصلا عن المشهد العربي بشكل عام هذا التشظّي وهذا التمزّق يشمل مجالات أخرى في الشعر مثلا هناك أصوات كثيرة لكن لا توجد قصيدة وهناك أصوات متناثرة. هناك ضياع حقيقي في العالم العربي. هناك اهتمام نقدي كبير بما كتبته المرأة .ما هو سرّ هذا الاهتمام؟ لا أحب الاتجاه النسوي في أحيان كثيرة أراه اتجاها مفتعلا ومستعارا لأن مشكلة المرأة العربية ليست بعيدة عن مشاكل الرجل ليست المرأة وحدها التي تعاني الرجل نفسه يعاني بنفس القدر هذا التقسيم للقضايا هو تقسيم مفتعل. هل هناك أصوات لافتة؟ لا يوجد الابداع اللافت ولا الصوت الخاص هناك كتابات قد تكون لامعة وجيدة ولكن هي مجرد اجتهادات أما جائزة البوكر وما شابهها فهي مثل كل الجوائز ليست جديرة بكل هذه الهالة التي تحاط بها، كل الجوائز البوكر وغير البوكر لا تستحق الاحترام. هل هناك كتاب مؤجل؟ هناك كتب مؤجلة منها كتاب عن الفرق المسرحية المستقلة الباحثة عن المسرح التجاري ومسرح الدولة وهناك كتاب عن الرقص المسرحي وهناك مشروع لاستكمال قراءة «الموديل» في الفن التشكيلي. والرواية؟ لا أنا لا أقدم نفسي على الاطلاق كمبدعة.