أغلب الناجحين في العالم عند دراسة تاريخهم وُجد أن طفولتهم كانت متميزة وذلك بسبب الظروف التربوية التي مروا بها، إما بالتخطيط المبكر من الوالدين أو من التحديات التي واجههوها فأثبتوا نجاحهم من خلال تجاوزه وسنضرب للقارئ أمثلة على ذلك ليعلم أن دور الوالدين في التربية أو أحدهما سبب رئيسي في أن يصبح الطفل عالما متميزا في المستقبل ويكون صاحب إضافة فعلية يخدم الوطن ويجدد في هذا الزمان. ولو تأملنا الظروف الاجتماعية التي مر بها العلماء لوجدنا أنها قاسية وصعبة ومع هذا قدموا إضافات نوعية للأمة. فالإمام «أبو حنيفة النعمان» كان وحيدا لوالديه، وهذا ظرف اجتماعي صعب، والإمام «الشافعي» ضحت أمه به فأرسلته للبادية منذ صغره حتى يتعلم اللغة والفصاحة، «والإمام الاوزاعي ومالك وأحمد بن حنبل» كانوا أيتاما، «والقاضي أبو يوسف» كان طفلا فقيرا محروما «وابن حزم» تربى في القصور وبين الجواري وعاش حياة مترفة، «وربيعة الرأي» غاب عنه والده ثماني وعشرين سنة لانه كان في الاسر، فأنفقت والدته عليه أكثر من ثلاثين ألف درهم من أجل تعليمه وهو شيخ الإمام مالك رحمه الله ، «وابن سيدة» من علماء النحو واللغة في بلاد الاندلس، كان كفيفا عند ولادته، «وعطاء بن أبي رباح» ولد مشوّها خلقيا أي كان من ذوي الاحتياجات الخاصة، «وياقوت الحموي» صاحب معجم البلدان كان أسيرا في طفولته، «ومحمد صادق الرافعي» أصم فقد أصيب بمرض التيفويد، وهو صغير فعطّل سمعه إلا أنه نبغ في الادب «والاحنف بن قيس» ساد قومه وكان معاقا، «والمأمون» توفيت والدته أثناء النفاس فأصبح علما وعالما وهو أول من أسس المراصد الفلكية وعين الخوارزمي رئيسا على بيت الحكمة ببغداد، وساهم في نهضة الامة العلمية، و»العز بن عبد السلام» سلطان العلماء عاش فقيرا ينام في المساجد ويحرس النعال ويأخذ عليها أجرا، وغيرهم كثير من القادة والعلماء كان لهم الاثر العظيم في تغيير تاريخ الأمة، ولم تعقهم ظروفهم الاجتماعية عن التمييز، فالاول يتيم والثاني وحيد والثالث فقير، فكل هذه الظروف لم تؤخر تميّزهم، ولهذا فإن ما نحتاج اليه اليوم ليكون أبناؤنا متميزين، وعلماء بالمستقبل هو أن تكون للوالدين رؤية مستقبلية وخطة تربوية واضحة لما سيكون عليه الطفل في المستقبل. وهذا ما نتمناه من كل مرب مسلم وألا يتعذر بأن الرؤية لن تتحقق أو رغبة الطفل خلاف ذلك، فلكل داء دواء، ولكل مشكلة حل.