حاوره: المنصف بن عمر الفنان جميل الجودي جدير بالانتساب ل«كبار الحومة» لا بقياس سنوات العمر فحسب ولكن أيضا بقيمة ما قدمه لقطاع الفن الرابع كممثل وكمخرج وكمدير فرق مسرحية ومركز الفن المسرحي.. الجودي كان أيضا من روّاد الوجوه التلفزية في المسلسلات والأشرطة التلفزية، وكان له حضور بارز في أهم الانتاجات الدرامية التلفزية وذلك على عكس حضوره في السينما التونسية، وهي في الحقيقة وضعية أغلب الممثلين التونسيين.. عن المشوار الفني والمسرح وظواهر القطاع، كان لنا حوار مع هذا الفنان المرجع. كيف كان دخولك عالم المسرح والتمثيل؟ الحقيقة، هو ان والدي كان مغرما بالمسرح، وأنا كنت أدرس في المعهد العلوي، وصادف أن تم بعث مدرسة التمثيل، فاقترح عليّ والدي الالتحاق بهذه المدرسة، وفعلا قبلت الاقتراح وانضممت في أول سنة لبعث هذه المدرسة. هل تذكر البعض من زملائك في هذه المدرسة؟ طبعا، أذكر عبد اللطيف الحمروني ومحمد حفظي ومحمد عبد الكافي وأحمد اللغماني.. متى تخرجت من المدرسة؟ كان ذلك عام 1956 مع حصول تونس على الاستقلال. وما هي محطتك الأولى في ميدان الاحتراف؟ كانت عام 1956 أيضا في مسرحية «تاجر البندقية» مع المرحوم زكي طليمات الذي دعوه من مصر لتكوين فرقة مسرحية، ثم أنجزنا معه مسرحية «ابن الجلاء» و«عبد الرحمان الداخل» وكان معنا وقتها المرحوم عزالدين السويسي وحمدة بالتيجاني، بعدها تمّ بعث فرقة البلدية وقد ترك زكي طليمات قبل عودته إلى مصر قائمة بأسماء الذين بإمكانهم تكوين نواة الفرقة وكنت ضمن هذه القائمة. ومن كان معك فيها؟ منى نور الدين ونور الدين القصباوي. هل تذكر القيمة المالية لأول عقد أبرمته مع الفرقة؟ أول عقد كان بقيمة 17.500 دينار شهريا، وهو المبلغ الذي تتقاضاه المجموعة الشابة المصنفة درجة ثالثة، ثم في عام 1957 نظمت البلدية مناظرة وشاركنا فيها وكنا ضمن الأوائل، فتم إدراجنا صنف أول وأصبحنا نتحصل على 50 دينارا شهريا، وأذكر أنه التحق بنا رمضان شطا ونرجس عطية ووفاء سالم والطاهر الصانع ومحمد الهادي المرنيسي، وكان يدير الفرقة المرحوم محمد عبد العزيز العقربي. ماذا بقي في الذاكرة من أعمال هذه الفترة؟ قدمنا الكثير من المسرحيات مثل «عطيل» و«ثمن الحرية» وغيرهما من الأعمال التي حققت نجاحات.. وكمخرج ما هي أول محطاتك؟ كانت في الفرقة الجهوية بصفافس، فقد تم إلحاقي بوزارة الثقافة عام 1966 وتم تكليفي بإدارة فرقة صفاقس وقدمنا العديد من الأعمال مثل «جوهر الصقلي» و«حارس المحطة» و«العاصفة» وغيرها.. بعد هذه التجربة..؟ تم التحاقي بمركز الفن المسرحي الذي أصبح اليوم المعهد العالي للفن المسرحي، وكلفت بالإدارة الفنية للمركز وكان ذلك عام 1969.. ما هي أهم محطة فنية في مشوار جميل الجودي هي بلا شكّ تجربتي بمركز الفن المسرحي، فأنا فخور بتكوين جيل من المسرحيين منهم المنجي بن إبراهيم وكمال العلاوي وعلي الخميري. هذا كمشرف ومدير، ولكن كمخرج؟ أهم أعمالي «الطوفان» التي قدمت في أول دورة لمهرجان الحمامات الدولي، و«قريتي» التي قدمت في الدورة الثانية لهذا المهرجان. وماذا عن أهم دور قدمته في المسرح كممثل؟ هو دور «يمليخا» في مسرحية «أهل الكهف» ودور «أليكوم» في مسرحية «كاليغولا» للمرحوم علي بن عياد. من صنع شهرة جميل الجودي وشعبيته، المسرح أم التلفزة؟ التلفزة، فهي تدخل كل البيوت، أما المسرح فيجب على الناس الذهاب إليه. أهم الأعمال التلفزية في مشوارك؟ في رصيدي أكثر من 13 عملا تلفزيا، لكن أهمها والتي يذكرها الناس، دوري في «الناس حكاية» وهو مسلسل شكل منعرجا في الدراما التلفزية التونسية، أيضا دوري في مسلسل «الحصاد» و«الأيام كيف الريح» و«عنبر الليل».. وكيف هي علاقتك بالسينما؟ لا علاقة لي بالسينما أو بالأحرى بالأفلام التونسية، أعمل في الأفلام الأجنبية، أما التونسية فلم تكن لي فيها مشاركات، منذ فيلم «سجنان» وفيلم «وغدا».. هل هو موقف منك؟ لا، هم لم يروني في أفلامهم ولهم الحق في ذلك. هل يحلم جميل الجودي بدور وبشخصية لم يقدمها؟ أحلم بدور لم يكتبه أحد بعد. هل ندمت على عمل قدمته؟ لا، لم أندم، هناك بعض الأخطاء فلكل جواد كبوة، ولا يمكن أن نبدع في كل الأعمال. ما رأيك في تنامي ظاهرة شركات الانتاج المسرحي؟ هي ظاهرة مرضية، الكم موجود لكن الكيف مفقود، قلّة هي الشركات التي حققت الاضافة، وصارت تعتمد على قدراتها الذاتية، الكل يعيش من دعم الوزارة. وظاهرة «الوان مان شو»؟ هناك خلط في المفاهيم، والناس لم تعد تفرّق بين «المونولوغ» و«الوان مان شو» ما نشاهده اليوم هو لعبة لتقليص المصاريف، نجح لمين النهدي في هذا المجال، وبعده جاءت تجربة لطفي العبدلي، ففي هذه التجربة تحققت الإضافة على مستوى الاخراج وأيضا الطرح والموضوع. هل سنراك في الأعمال الدرامية التلفزية لرمضان هذا العام؟ إلى حدّ الآن لم يتصل بي أحد، ربما ليس ثمة ما يصلح لي في هذه المسلسلات؟