الموضوع تحول الى سجال بين بلدية صفاقس والقاطنين والعاملين بساحة الجمهورية بقلب المدينة، فالبلدية تحرص على اغلاق ما تبقى من الطرقات ب «تبليط» الساحة، والمهنيون والسكان يطالبون منذ 10 سنوات بالتراجع عن هذا القرار الذي وصفوه بغير الصائب .. أصل الحكاية يعود الى أكثر من 10 سنوات، لما رأى المجلس البلدي الأسبق «تبليط» ساحة الجمهورية بصفاقس، ولمن لا يعرف هذه الساحة نقول إنها واقعة بقلب مدينة صفاقس فهي تتوسط شوارع الطيب المهيري والهادي شاكر وعلى مقربة من شارع الحبيب بورقيبة وباب الديوان . ساحة الجمهورية بهذا الموقع الاستراتيجي هي قلب اقتصادي وتجاري وخدماتي نابض بمدينة صفاقس، فعلى جنباتها تتصدر الفضاءات التجارية والمسرح البلدي وقاعة سينما «الكوكب» وهي القاعة السينمائية الوحيدة المتبقية بعاصمة الجنوب، هذا فضلا عن العيادات الطبية ومكاتب المحامين والدكاكين ووكالات أسفار وغيرها من الفضاءات .. ومع ذلك، رأت البلدية القضاء على الطريق الذي كان يسهل خدمات كل هؤلاء ويحرك دواليب أعمالهم بتبليطه وغلقه أمام أصحاب السيارات والمزودين وغيرهم من متساكني مدينة صفاقس التي ضاق قلب مدينتها بعد أن ضاقت مدينتها العتيقة. قرار البلدية في التبليط قوبل بامتعاض شديد من الجميع، وللخروج من عنق الزجاجة، اكتفت البلدية بتبليط نصف المكان المبرمج وحاولت تجميله بشكل لم يكن مدروسا بالمرة، فغابت الجمالية وتحولت الساحة الى فضاء خصب للمواعيد واللقاءات بأشكالها المختلفة، حتى أن المقاهي والفضاءات الخدماتية التي كان من المفترض أن تزين المكان فضل أصحابها مغادرة الساحة نظرا للمشاكل التي طفحت والتي لم تعد خافية على الجميع .. النتائج السلبية الطارئة على الساحة جعلت المتساكنين وأصحاب المحلات التجارية والخدماتية يسارعون بلفت نظر البلدية ومجلسها للتراجع على الأقل على نصف المشروع المتبقي، لكن البلدية مرة أخرى صمت آذانها عن المطالب وقررت المواصلة .. المراسلات بين البلدية والمتضررين من التبليط تحولت الى ملف ضخم يصعب حمله، والاجتماعات تعددت والأوقات ضاعت، لكن البلدية تمسكت بقرارها الذي وصف من كل الأهالي تقريبا بغير الصائب بالرغم من أنها دونت في محضر جلساتها ما نصه حرفيا « لا يمكن توسيع هذه التهيئة الا بعد موافقة الشاغلين للمحلات بنفس الشارع». المسكوت عنه في الموضوع هو دعم مالي لفائدة البلدية لتنفيذ المشروع بتعلة تحويل المدينة الى منتزه، نعم قلب اقتصادي نابض يتم القضاء عليه لتمرير مشروع في ظاهره نبيل، لكن باطنه ليس نبيلا بالمرة مادام المشروع مضرا لأصحابه .. المتضررون من المشروع راسلوا كل الجهات المعنية، لكن البلدية أصرت على موقفها لتسجل مرة أخرى موقفا جديدا يؤكد انها في واد والرأي العام في واد آخر ..فهل تتراجع بلدية صفاقس في اللحظات الأخيرة التي تسبق تسليم دواليب المجلس لأعضاء جدد أم ان الاصرار سيدفعها للانطلاق في المشروع في هذين اليومين كما يتردد حاليا بصفاقس ؟