تهم متبادلة بين البلدية وتجار وسكان ساحة الجمهورية، البلدية تحرص على تبليط الساحة وغلق طرقاتها الرئيسية الواقعة في قلب المدينة لتحول المدينة إلى «مدينة منتزه».. وتجار المنطقة وسكانها يرون أن مدينتهم لن تكون منتزها إلا بالتراجع في هذا القرار الذي وصفوه بغير الصائب.. الموضوع لم يعد خافيا على أحد، خاصة بعد أن بادرت البلدية بغلق الشوارع القريبة من ساحة الجمهورية بشكل استباقي لتضع الساحة تحت التجربة في وقت عطلة (!) وتقيم ردود الفعل، لكن الردود لم تتأخر، إذ وافانا البعض من متساكني المنطقة والتجار وأصحاب المكاتب والعيادات الطبية بها وعددهم قارب ال200 بمراسلات يعبر فيها أصحابها عن رفضهم للمشروع البلدي الذي يحرص المجلس على تسويقه في هذه الفترة .. وحتى نضع القارئ في الصورة، نقول إن الموضوع متعلق بتبليط ساحة الجمهورية وهي الساحة القريبة من مقر بلدية صفاقس وتتوسط شارعي الطيب المهيري والهادي شاكر وعلى مقربة من شارع الحبيب بورقيبة .. ساحة الجمهورية بهذا الموقع الإستراتيجي، تعد القلب الإقتصادي والخدماتي النابض بمدينة صفاقس، فعلى جنباتها يتصدر المسرح البلدي وعديد الإدارات والعيادات الطبية والصيدليات والمؤسسات والدكاكين وغيرها من المؤسسات الخدماتية والسياحية. وبالرغم من هذا الموقع الإستراتيجي، إلا أن البلدية رأت ضرورة غلق الساحة في إطار توجه عام يقوم على تحويل صفاقس «مدينة منتزه»، وللغرض كانت البلدية قد أغلقت جزءا من المكان شارع الهادي شاكر فتحول المكان إلى مرتع خصب للمتسكعين وللزبالة والفضلات .. مراسلات المعترضون على المشروع استنفدوا كل الوسائل من مراسلات إلى برقيات إلى اجتماعات واتصالات مباشرة وغير مباشرة بالمسؤولين وصناع القرار، حتى بلغ بهم الأمر إلى تقنين اعتراضاتهم من خلال تشكيل لجنة أطلق عليها اسم «لجنة حي باب بحر» أوكلت لها مسؤولية الدفاع عن الاعتراض مستعينة في ذلك ببعض المثقفين والمحاميين والاطباء وغيرهم .. «لجنة حي باب بحر» وافتنا بمراسلة تم توجيهها إلى المجلس البلدي يذكر فيها أصحابها سلبيات غلق ساحة الجمهورية في جزئه الأول – أي شارع الهادي شاكر - جاء فيه بالخصوص « نظرا للسلبيات الحاصلة جراء غلق ساحة الهادي شاكر، وبعد أن تحول المكان إلى فضاء خصب للباعة المتجولين والمنحرفين، فإننا نقترح « تكليف مكتب دراسات هندسية لتقييم الأخطاء السابقة ومناظرة وطنية يشارك فيها الشباب المختصون للخروج بتصميم يراعي مصلحة البلدية ومشاريعها المستقبلية كما يراعي مصلحة المواطنين ويضفي جمالية على المكان .. اللجنة وباسم المتساكنين وفي إطار الدفع بمقترحاتهم إلى الأمام، صاغت مراسلات إلى السيد الوالي والسيد رئيس البلدية والسيد معتمد المدينة وغيرهم من المسؤولين تبرز سلبيات الغلق والتبليط وتأثيرها على جمالية المدينة وخنق حركة المرور، وتبين المراسلة أن أغلب الشوارع والأنهج الرئيسية بقلب المدينة تم غلقها في السابق وهوما انعكس بالسلب على جمالية المكان والحركية الاقتصادية والتجارية وغيرها .. نعم للتريث المجلس البلدي الحالي المشهود له بالاستماع إلى المشاغل الحقيقية للمواطنين، فتح الملف ووضعه على ذمة الرأي العام لإبداء الرأي، وهوبهذا التوجه قد يتمهل قليلا لاتخاذ قرار تاريخي صائب ينسي الأهالي الارتجال الحاصل في المناطق الزرقاء التي خلفت مشاكل بالجملة رغم جدواها، لكن طريقة تقديمها للرأي العام كانت مغلوطة فكلفت البلدية ما كلفت.. والموضوع مازال مطروحا وحسمه كلف ميزانية البلدية 3 مليارات ونصف .. فحتى لا يعاد نفس السيناريو، على المجلس البلدي الحالي الذي يتمتع بأعضاء مشهود لهم بالحس المدني والإستشرافي ان يفكر مرتين دون ان يضع في اعتباره الدعم المادي المرتقب لإحداث «المدينة المنتزه»، فاليافطات والشعارات والألقاب والتصنيفات، لا تعني الكثير أمام الجدوى العملية.. والجدوى تقتضي تدعيم الموقع التجاري والاقتصادي لصفاقس، لا الدخول من باب الجمالية لغلق أبواب الطرقات والشوارع والحركية الاقتصادية بقلب المدينة ... هو مجرد رأي نسوقه بكل لطف، وقد يكون موقفنا على غير الصواب، لكن ما نقوله، يكفي البلدية من مشاغل ومشاكل، وفتح المزيد من الواجهات قد يكون في غير وقته على الأقل الآن مع المجلس الفتي الذي استبشر له الأهالي و«بايعوه» ..