حسب أرقام ديوان التونسيين بالخارج، فإنّ عدد التونسيين بالخارج هو مليون و58 ألف نسمة. وتستقطب أوروبا أعلى نسبة من أفراد الجالية بمعدل 83٪ وخاصة فرنسا وألمانيا. وأمام هذه الطّفرة يتمّ التشجيع على العودة وخاصة المبكرة. فما الذي يقف حاجزا أمام هؤلاء للعودة وفي وقت مبكر؟ وماهي تبعات ذلك؟ وماهي الحلول الممكنة؟ للاجابة عن هذا الاشكال ارتأينا اعتماد تجارب بعض المهاجرين من الجيل الأول الذين اعتبروا أنّ تبعات الهجرة غير محمودة خاصة إذا ما طالت مدتها يأتي ذلك بعد أن أدركوا أن حيثيّات مادية هي التي شكلت العائق. تأمين المسكن: مطمح الجميع الكلّ يعلم بأنّ همّ المهاجر الوحيد وخاصة جماعة الجيل الأول للهجرة هو تحسين ظروف العيش ولاسيما تأمين مسكن محترم.. ولكن يبقى هذا المطمح رهين عدّة أسباب.. فعند حلول مهاجرينا بأرض الوطن أكثرهم يخصّصون هذه الفترة لمتابعة أشغال إعداد المسكن، فلا يجدون متنفسا للراحة والاستجمام وأحيانا لا يصطحبون كامل أفراد العائلة. هذا الموضوع بالذات كانت له تبعات على العديد من مهاجري الجيل الأول أمثال الشيخ حمادي مهاجر ناهز ال70 من عمره قضى معظمها خارج حدود الوطن، تزوج بتونسية وأنجب أبناء هناك. ويقول محدّثنا بأنه انهمك طيلة هذه السنوات في توفير الظروف الملائمة للعيش لعائلته وسعى جاهدا لتوفير مسكن بوطنه الأم تونس. وأمكن له ذلك مؤمنا لكل واحد من أبنائه مسكنا خاصا ويضيف حمادي أن هذه العملية (عملية بناء المسكن) استغرقت وقتا طويلا ويذكر بأنه قد تكبد عديد المشاق (تعرض منزله للسرقة، سرقة مواد بناء..) ويؤكد بأنه خلال كل موسم اصطيافي يتفرّغ كليّا لهذه المسؤولية. والمهم هنا هو أنّ يؤمن لأبنائه سكنا فيه يرتاحون وهدفه في ذلك جمع شمل العائلة على موقف واحد وأصول وقيم وعادات الأجداد. حمادي بعد كل هذا يرى أنه قد فشل في النهاية في اقناع أبنائه بالعودة الى أرض الوطن. يأتي هذا بعد فشله في اقناع والدتهم هي الأخرى ويقول «العودة المبكرة هي الأنجع» مشيرا الى صديقه حسن (شيخ في عقده السادس). الشيخ حسن وضعيته مختلفة وربما بامكاننا القول بأنه أدرك الموقف منذ البداية فبعد ست سنوات من الغربة عاد لينجب أبناءه بأرض الوطن. هي مسألة تتداخل فيها ظروف شخصية ولكل مهاجر أسبابه ولكن على حدّ تعبير الشيخ حسن «الاحتياط واجب» ولتفادي أية مشكلة قرّر محدّثنا العودة المبكرة ويعود الشيخ حمادي ليقول: «فشلي في اقناعهم بالعودة لم يقف عند هذا الحدّ بل أدى إلى بروز خلافات مع العائلة انتهت بالانفصال». رأي ديوان التونسيين بالخارج أفادنا مسؤول عن ديوان التونسيين بالخارج أنّ العناية الموكولة للمهاجرين وخاصة الجيل الأول منه تعدّ في صدارة الاهتمامات علاوة على ما يتوفر من احاطة نفسية واجتماعية موصولة ودائمة مشيرا الى البرنامج الرئاسي 2009 2014. كان اللقاء مع محدّثنا مناسبة لطرح مشاكل الهجرة وبالتحديد مشكل العودة المبكرة. وفي سؤالنا عن امكانية اعطاء حلول والمتمثلة في بناء اقامات سكنية خاصة ومحميّة للمقيمين بالخارج حتى يتسنى للعديد تأمين هذا المطمح وبالتالي تسهيل عمليّة العودة ومبكرا وذكر المسؤول بما مفاده أنه إلى حدّ الآن لم يتم التفكير في هذا الشأن ولكن الامكانية واردة.