ضمن فعاليات مهرجان قفصة للمسرح عرضت فرقة مسرح الجنوب بقفصة أول أعمالها من خلال مسرحية (غدوة يبدا الرسمي) نص واخراج المبدع المسرحي محمد ساسي القطاري. من خلال مشهد وحيد اعتمد فيه المخرج البساطة المعبّرة دارت أحداث المسرحية في مقبرة تحوطها الأسلاك الشائكة لتتعاقب الاحداث مستنكرة الصمت الذي يحيط بواقعنا العربي حول أكثر من موضوع وقضية، ولتنبذ مسألة تغلغل ظاهرة الشعوذة من بعدين بعد واقعي تتعرض له فئة كبيرة من شرائحنا الاجتماعية وما في ذلك من نتائج وخيمة وخيبات وبعد مجازي باستسلام الامة لوعود السلام الزائفة... وليحتد الصراع بين من يسعى الى الظفر بكنز وهمي وبين من يسعى الى الظفر بالحرية ووسائل التحرر ثم تجديد الذاكرة بعمق آلام جراح أمتنا التي قد يكون طواها النسيان. وتنتهي المسرحية باطلالة الممثلة الشابة الهام المستوري في دور صبرا تنفض الغبار عن ذاكرة من نساها ومثيلاتها في وطننا العربي، وتستنهض الهمم لمواصلة الصمود والتشبث بالأمل الموعود. أما موضوعيا فقد تطرّقت المسرحية لمسائل عديدة هامة كان أبرزها واقع أمتنا العربية في ظل ما تعيشه من ظلم وصمت رهيب أمام ما ينهشها من تمزق وفتنة بأسلوب لم يخل بين المشهد والمشهد من طرافة وهزل شد المشاهدين استحسانا واقتناعا من بداية العرض الى نهايته وفق فيه المخرج وأسلوب طرحه بشكل كبير جدا وزاد العمل تألقا نجاحه في المراهنة علىفئة من الشباب أتقنت أدوارها بشكل رائع علىغرار كل من الممثل كمال بوعزيزي (مصباح) وحميدة بوعلاقي (زعرة) محمد الصالح الاجري (ذياب) وعبد المجيد بلقاسم (الزهاري) والهام مستوري (صبرا) ورائد المسرح (محمد ساسي القطاري (الوردي). بقي أن نشير وأن تكامل هذا الانتاج على مختلف مستوياته الى حد الروعة الا أنه لم يرتق في طرح الموضوع الى منتهى الجرأة المحبّذة والمنشودة وشخصية صبرا التي بوسعها أن تكون اقوى وأكثر حدّة درامية. ماذا بين سي عبد القادر مقداد وسي محمد ساسي القطاري؟ لم يكن هذا السؤال ليطرح لو وردت معطيات على هامش هذه المسرحية لكنه من خلال لقطة معبّرة تخللت العرض في استفزازية ودعابة (الروح المسرحية) لآخر أعمال المسرحي المبدع سي عبد القادر مقداد (عبد الجبار حل كتاب) لتثير السؤال حول خفايا ومغزى ذلك. وقد تمكنا من معرفة ربّما البعض من أسباب ذلك لنطرح السؤال على فناننا القدير سي عبد القادر أين اختفى رداء أو لباس (الطاهر الحباس) عن مسرحية عمار بالزور الذي تقمص دوره محمد الساسي القطاري وذلك على هامش عرض أزياء ومتممات الاعمال المسرحية أثناء افتتاح دورة هذا المهرجان الخامسة عشرة. وهنا كذلك وبقطع النظر عن مضمون عنوان المسرحية (غدوة يبدا الرسمي) الذي توجب من حيث المبدأ ان يلزم النص والمسرحية، لكن كذلك يمكن ان يستشف منه بعدا ذاتيا فيه ما يؤشر لميلاد منافسة فكرية للاعمال المسرحية بين قطبين من أقطاب المسرح بقفصة.