تونس الصباح ربما ما كان للأحداث المأساوية التي عرفتها منطقة الحوض المنجمي خلال الاشهر الاخيرة ان تعرف طريقها الى ربوع هذه المنطقة المناضلة لو ان المسؤولين في الجهة كانوا قد ارهفوا السمع جيدا الى ما كانت «تقوله» منذ ثمانينات القرن المنقضي مسرحيات فرقة مسرح الجنوب بقفصة بادارة الفنان المسرحي عبد القادر مقداد لانها انتاجات واعمال مسرحية طالما شهّرت وسخرت ونبّهت لظواهر الاستغلال والمحسوبية والبطالة والبيروقراطية الآخذة في التفشي داخل النسيج الاجتماعي والمؤسساتي والاداري في المنطقة. فمسرحية «حمّة الجريدي» الشهيرة مثلا ومثلها مسرحية «فئران الداموس» و«عمار بالزور» وغيرها هي اعمال نجحت واحبّها الجمهور وتفاعل مع «رسائلها» الفنية والاجتماعية والسياسية المختلفة وصفق لها ولمخرجها وبطلها الاول الفنان عبد القادر مقداد لانها تطرّقت باكرا باسلوب ساخر وبشجاعة ادبية لظواهر متخلفة اطلت برأسها على المجتمع القفصي وعلى المنطقة.. ظواهر هي غريبة بالكامل عن اعراف وتقاليد وناس هذا المجتمع الاصيل المشهورين بحبهم للعمل وبصراحتهم وبظرفهم ومرحهم وبتآزرهم. ثم حتى بعد أن تم بعث مركز الفنون الدرامية والركحية بقفصة واصل الفنان المسرحي عبد القادر مقداد من خلال انتاجات المركز المسرحية على نفس النهج.. فالقضايا المطروحة في هذه الاعمال المنتجة هي من صميم قضايا ومشاغل وهموم الناس هناك واللهجة المعتمدة هي اللهجة القفصية تحديدا والروح المرحة والسخرية مستوحاة كلها من «ضمار» وخصوصيات اهالي الجهة في الاجتماع والعمران.. على حد تعبير ابن خلدون . «تكشفت الأوراق!» جديد مركز الفنون الدرامية والركحية بقفصة لهذه الصائفة يتمثل في مسرحية تحمل عنوانا مثيرا وموحيا هو «تكشفت الاوراق» وهي تأتي بعد مسرحية «وادي الربيع» التي طاف بها الفنان المسرحي عبد القادر مقداد ومجموعته مدنا كبيرة ومناطق مختلفة من الجمهورية على امتداد الموسمين الماضيين.. وقد لاقت بدورها استحسان الجماهير حيثما تم عرضها.. عن مسرحية «تكشفت الاوراق» هذه والتي ستعرض قريبا باذن الله في اكثر من مهرجان صيفي بدءا بمهرجان قفصة الدولي وكذلك مهرجان سوسة الدولي ومهرجان حلق الوادي وغيرها افادنا الفنان المسرحي عبد القادر مقداد بانها المسرحية الاولى في تاريخ انتاجات مركز الفنون الدرامية والركحية بقفصة التي يكتفي فيها عبد القادر مقداد بدور تمثيلي.. فهو في هذه المسرحية ممثل فقط ذلك ان الاقتباس والاخراج هو للفنان المسرحي مراد كرّوط. يقول عبد القادر مقداد: «مسرحية تكشفت الأوراق» هي من اقتباس الاستاذ مراد كروط عن مسرحية «أريد ان أقتل» لتوفيق الحكيم تمت مراجعة نصها من قبل عبد القادر مقداد لتكون في لهجة قفصية وفي رؤية ثقافية وايديولوجية تتماشى وقناعاتنا الفنية.. ولقد اقترحت بنفسي على الاستاذ مراد كروط ان يتولى هو اخراجها.. وقد شرع بالفعل في عمله هذا منذ عدة اشهر.. ونحن الآن بصدد وضع اللمسات الاخيرة عليها..». مسرحية «تكشفت الاوراق» يضيف الفنان عبد القادر مقداد ربما ستمثل بداية توجه جديد في التعامل الفني مع نصوص مسرحية عربية عميقة فكريا ومكتوبة بالفحصى يقع «تحويلها» الى مسرحيات «شعبية» ناطقة كلمة وصورة ومواقف باللهجة القفصية والروح القفصية.. التجربة فعلا مهمة ومثيرة في رأيي .. وانا سعيد بانني اشارك في هذا العمل المسرحي بصفتي ممثلا فقط وذلك الى جانب زملائي حمزة بن داود ومحمد مالك ولطيفة القفصي وكذلك الى جانب الوجوه الجديدة والشابة اسامة فرحات وحسن ربح وعبد الجواد الكحلاشي وقليعي حراثي ودينا بن عمر..». الواضح ان صيف مركز الفنون الدرامية والركحية بقفصة سيكون ساخنا وواعدا هذا العام وذلك من خلال مسرحية جديدة نزع فيها الفنان المسرحي عبد القادر مقداد عن نفسه كسوة المخرج والمدير و«توعّد» من خلالها بكشف الأوراق!