وعود واهية وأحلام لم تتحقق منذ سنوات، هكذا يجيب سكان مدينة الجريصة حول موضوع تحلية الماء الصالح للشراب. معاناة أهالي المنطقة الذي يفوق عددهم 11500 نسمة تتمثل في صعوبة جلب الماء الصالح للشراب ذي المذاق الحلو في عيون المياه الموجودة في أطراف المدينة والتي تبعد عنها بعض الكيلومترات مثل عين «المدينة بفج التمر» أو عين «السبيعات» وهذه العملية مضنية فهي تتطلب وسائل نقل خاصة ومعدات وأواني وتقتصر على فئة قليلة ميسورة الحال تمتلك سيارات أما عن بقية السكان فهم يكتفون بوضع براميل أمام منازلهم في انتظار قدوم السقاء الذي سوف يغدق عليهم ببعض الكميات من الماء الحلو لارواء عطشهم، فهذه العملية أدت بهم إلى تقسيم المدينة إلى عدة مناطق وكل منطقة تتزود بالماء الحلو عدة مرات في الأسبوع تحت إشراف نفوذ شخص، مالك لجرار وصهريج، فيوزع على الأهالي ما كتب لهم من نصيب الماء مقابل مبلغ مالي يحدده هو بنفسه. وقد قام مواطنو الجريصة بإشعار السلط المحلية والجهوية وكل الجهات المسؤولة بهذا الموضوع منذ سنوات وتحصلوا على عدة وعود تتمثل في تغيير مصدر الحوض المائي والطبقة المائية ذات الملوحة المرتفعة بحوض آخر والعمل على تزويد المدينة بالماء ذي المذاق الحلو، علما وأن المنطقة غنية بعيون المياه العذبة، فعين «المدينة» أو «عين السبيعات» وعين «ميزاب» ليست ببعيدة عن مدينة الجريصة، وأما عن موقف الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، فإجابتها تقتصر على مجرد وعود بالتدخل لتغيير نوعية الماء في أقرب الآجال، ولكن طالت المدة وطال معها صبر أهالي مدينة الجريصة الذين باتوا يحلمون بالحصول على قطرات من الماء العذب والحلو والتخلص من هيمنة أصحاب الجرارات بائعي الماء. فهذه العملية التجارية المتمثلة في بيع الماء أصبحت ظاهرة سيئة تعيدنا إلى أزمان غابرة كان السقاء يمثل فيها دورا رئيسيا هاما في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لكن هذه المرة في ثوب جديد ومعاصر يتماشى والتقدم التكنولوجي فالحمار عوضه الجرار، مع العلم ان هذه الصهاريج تفتقر لأدنى الشروط الصحية وآن العمل الذي يقوم به هؤلاء السقاؤون عشوائي وغير مراقب من طرف المصالح المختصة، فأهالي مدينة الجريصة لا يعلون عن مصدر الماء، ولا يعرفون نوعية الصهاريج ومدى نظافتها، وهم يناشدون الجهات المسؤولة بالتدخل العاجل لفك عطشهم خاصة وأن فصل الصيف الذي تشهد فيه المنطقة درجة عالية من الحرارة على الأبواب، وهذا ليس بكثير أو عزيز على أبناء تلك الربوع الذين قدموا الكثير لوطننا العزيز وخدموا البلاد في السنوات الصعاب فهم أبناء عمال منجم الحديد الذين ساهموا في بناء تونسنا العزيزة ولا يزالون ساعين جاهدين للذود عن حمى الوطن وللرفع من مستواه على جميع المستويات حتى يبلغ درجة مرموقة ويضاهي الدول المتقدمة.