هي مهنة اعتقد الكثير أنها اندثرت وولت مع ظهور الحنفيات وتعميمها على كافة المنازل سواء في القرى أو في المدن فأصبح الحديث عنها قليلا لكن الواقع يقول غير ذلك إذ اتخذ العديد منها مهنة له و مورد رزق و الغريب أن المواطن يقبل على شراء الماء من الباعة المتجولين. القرباجي هو ذلك الشخص الذي يتنقل بين الأحياء مناديا بصوت عال «قرباجي..قرباجي..» حاملا قلالا على كتفيه يبيع ماء للمتساكنين مقابل بعض المليمات الا أن القرباجي عاد في السنوات الأخيرة الى عمله لكن في صورة جديدة يضع الماء في أوعية بلاستيكية كبيرة وتتهافت عليه العائلات التي تريد تغيير ماء الحنفية بأخر أكثر حلاوة معتقدين انه أفضل ويطلقون عليه اسم «الماء الحلو». استغل البعض نوعية مياه الشراب الرديئة في بعض المناطق التونسية مثل حي ابن يونس منوبة ووادي الليل حي الرياضسعيدة... لبيع الماء فتراهم يتوجهون الى مناطق مجاورة أو الى العيون و يملؤون الأوعية ليتم بيعها الى أهالي المنطقة بأسعار متفاوتة حسب حجم الوعاء. احمد شاب يبلغ من العمر 26 سنة له شاحنة من نوع «اسيزي» وجد من بيع الماء مهنة مربحة وقد استغل رمضان الماضي و العطش الشديد الذي يصيب الناس وتذمرهم المستمر من رداءة ماء الحنفية و توجههم الى المناطق المجاورة لهم لجلب الماء فيسر عليهم حسب قوله المهمة يقول أقوم بملئ الماء من منطقة الجديدة من حنفية عمومية في أوعية سعتها 10 لترات بسعر دينار واحد وهكذا بدأت العملية ومع مرور الأيام ازداد عدد العائلات التي تشتري الماء وأحيانا أتلقى طلبات مسبقة فاشتريت وعاءا كبيرا سعته 1000 لتر لتلبية حاجة أكثر عدد ممكن من الناس وأصبحت مهنة بيع الماء مهنة مربحة وقد استمرت حتى بعد شهر رمضان وأصبحت عادة يومية للعائلات التي لا تستطيع شراء المياه المعلبة خاصة اذا كانت تتكون من عدة افراد . لم تقتصر هذه الظاهرة على الباعة المتجولين ان صح التعبير بل تتعداها الى بيع الماء حتى في بعض المحلات لانها عملية مربحة مائة بالمائة ويكثر عليها الطلب في فصل الصيف وفي شهر رمضان أيضا .السيدة مريم من ولاية منوبة تعتبر ان الماء الذي تجلبه من الحي المجاور لها حلو المذاق واقل ملوحة ولا يؤثر على كليتيها مثل ماء الحنفية . أحمد وغيره يعلمون ان عملية بيع الماء غير قانونية ويمكن ان تكون غير صحية لكنهم لا يبالون بذلك فيقول أحمد هناك مراقبة تكاد تكون يومية للذين يبيعون الماء وهم يترصدوننا للإيقاع بنا ولمنعنا لكن لا خيار امامي فلا مهنة لي غير بيع الماء وهو مورد الرزق الوحيد ولا انوي العمل في اي مجال اخر. وللتأكد من مدى سلامة هذه العملية على صحة الفرد وأهمية الماء الذي لاغنى عنه خاصة في فصل الصيف للإنسان وبالأخص الأطفال والمسنين اتصلنا بالدكتور عبد المجيد عبيد فافادنا بان الماء ضرورة ولا يمكن كما يعلم الجميع الاستغناء عنها ويزداد استهلاك الانسان للماء في فصل الصيف نظرا لارتفاع درجات الحرارة وكثرة التعرق مما يجعله يحتاج اكثر فاكثر الى الماء واضاف ان الماء يحتوي على املاح طبيعية وتختلف نسبة الملوحة من منطقة الى اخرى ومن عين الى اخرى والماء الصالح للشراب مراقب من الناحية الكيميائية ومن ناحية الجراثيم اضافة الى انها لا تمثل خطورة على المستهلك لكن الخطر يأتي من بيع ماء بهذه الطريقة غير قانونية بينما ماء الحنفية مراقب من طرف الشركة التونسية لتوزيع واستغلال المياه ونسبة الملوحة هي نسبة مدروسة .لذلك على المواطن ان يحتاط خاصة من الاوعية المستعملة ومن تعرضها للشمس اذ يمكن ان تكون أواني نقل الماء غير نظيفة ومصدرها مجهول وقد يتسبب الماء الملوث او غير النظيف والذي يعود الى عدم نظافة الوعاء في مشاكل صحية مثل الاسهال والالتهاب المعدي والمعوي ويكون اشد خطورة على الاطفال والمسنين وضعف في المناعة والماء الملوث هو المصدر الرئيسي للعدوى بامراض جرثومية خطيرة