تظل حكاية الادب مجالا خصبا للسفر والتجوال في دروب ومنعطفات الحالة الانسانية... هذه الحالة التي تلهم المبدعين وتدفعهم باتجاه الفرادة كما أنها تشكل حيزا مهما لأسئلة ذات صلة بالحيرة والادب هنا وبهذه المعاني قول بليغ أمام مرآة الحياة وهي تحضن ملامح ووجوه وأشكال الكائن في حله وترحاله في ألمه وأمله.. وفي حنينه وآهاته... هذا يقودنا الى الحديث عن تجربة مميزة في سماء شعرنا العربي، وأعني تحديدا الشاعر الكبير سليمان العيسى هذا الذي تربينا على قصائده وخبر الاطفال معنى أقواله الطافحة بالنشيد. المناسبة كانت سانحة وقد أتاحها لنا الادباء نزار بني المرجة وكمال جمال بك وبديع صقور حيث كان الاقتراح بزيارة هذا الرجل التجربة الذي يقيم في بيته في اطلالة على مساحات من الاخضرار لينعم برجع الصدى بعد هذه المسيرة الشاسعة في حدائق الشعر... الدكتور الشاعر نزار بني المرجة كانت له دراسة خاصة عن العبس بعنوان: حمرة الضاد.... وهي مميزة في تعاطيها مع التجربة بكثير من البراءة والحب والأدب.... بعد أن انتهينا من المشاركة في مهرجاني القطيف ويبيلا الثقافيين بدعوة خاصة من الاصدقاء الذين مثلوا العائلة الموسعة للأدب والثقافة في سوريا... كان المجال مفتوحا أمام هذه الزيارة التي كان لابد منها... دخلنا البيت وسعدنا بالرجل وهو يجلس ولديه القدرة على الحديث والكتابة والقراءة أهدانا كتبه وحدثنا حديثا جميلا عن ذكرياته في تونس خصوصا حين زار مهرجان معرض صفاقس الدولي للكتاب منذ سنوات قليلة ووجد الاطفال في كورال جميل وأنيق ضمن فسحة من آداء قصائده... كتب قصائد في تونس وأحبها... هكذا حدثنا سائلا عن أحوال البلد والثقافة والابداع... نعم مسيرة طويلة عرفتها حياته التي كانت من قرية النعيرية قرب انطاكية في العام 1921.. عايش الرواد نازك الملائكة والسياب كنت بصحبة الشاعرين حافظ محفوظ وسمير العبدلي وقد تعهدنا بإبلاغ تحياته الى الاصدقاء الشعراء والمبدعين في تونس ومهرجان صفاقس المذكور... كنا في حضرة سيد أعطى للأدب الكثير بعيدا عن الادعاء والوهم والانانية... لقد أعطى بلا حدود وبدون حسابات... كان محبا للشعر وللأطفال ولهذه الامة العربية التي تنهشها الآن كلاب العولمة ونهب خيراتها لصوص الاستعمار والصهاينة... رجل له فكرة... وشاعر محب للصمود والمقاومة.. وانسان بما في الكلمة من معاني الوجد والمحبة... انه رجل من سوريا التي احتضنت الابداع العربي بلطفها وحبها وعنفوان حميميتها هذا ما لمسناه ونحن في حضرة البهاء الدمشقي حيث نذكر الاخوة حسين جمعة ونزار بني المرجة وبديع صقور وكمال جمال وأبو سليم وسوسن رجب ونزار بريك ولقمان ديركي الذي يسعى لتوظيف العتمة في تلك السهرة التي شاركنا القراءة الشعرية فيها الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم... فكان نجما من علو خاص... رحلة أخرى خارج الانساق بصمها سليمان العيسى بالشعر والمحبة...