أسدل الستار يوم الأحد على فعاليات الدورة الخامسة عشرة من التظاهرة الثقافية السنوية ملتقى الشعر التونسي الحديث. وقد اهتمّت أشغال هذه الدورة التي احتضنتها أروقة فضاء الحوار والابداع بدار الثقافة الشيخ إدريس بجهة بنزرت بالأبعاد الصوفية في شعر الراحل «محجوب العيارى» ومنابع تكوينه من خلال نماذج من أثره. وفي مستهل مداخلته التي تناولت بالبحث ظاهرة «شعرية الطفولة وهوية الكتابة في نماذج من قصائد محجوب العياري» يشير الدكتور «خالد الغريبي» الى أن البحث عمّا يسمى الطفل المفقود أو الطفل المنشود في كتابات الراحل سيظل هاجسا يشتبه به كلما حاصرته الأيام وبهذا تستحيل الطفولة ملاذا وخلاصا في عالم لا خلاص فيه.. وفي توقفه عند «مجموعة الطفل» الشعرية التي كتبها محجوب العياري ونشرها عام 2004 لا حظ المتدخل أن الشهادة المضمّنة ترمز الى طفولة متمردة والكتابة عند العياري مثلت ضربا من ضروب القلق الدائم حتى صار الكلام عن الموت شكلا من أشكال الخلاص وحيث يصير مقياسا لحضور الحياة والإيغال في الراهن والمعيش عودا الى الطفولة التي تمثل بدورها تلك الحياة المؤجلة! «التصوف الشعري»! كما مثلت مسألة شعرية التصوف لدى هذا الشاعر أصيل منطقة ماطر بالجهة احدى المسائل التي كانت محل جدل بين النقاد على هامش الجلسات الثلاث المبرمجة التي قدمها كل من الأستاذ «محمود طرشونة» و«مجدي بن عيسى» حيث تقاربت المعاجم والمصطلحات المستعملة لدى الشاعر ممّا هو متعارف في التراث لدى المتصوفة أنفسهم على غرار: العشق المحبّة التوحد والغربة والحلول والوجد والتجلي.. علاوة على ما يسمى بالمحاكاة والتضمين لمأثور الكلام والتعابير لدى المتصوف على غرار ما جاء في قصيدة «غربة».. وقد أبرز السيد «مجدي بن عيسى» أن الغنائية والمشاهدات المضمنة تضفي عذوبة وترمز الى خيال خصب لدى الكاتب ورغبته في استكناه المجهول. هذا وقد سلطت المحاضرات المبرمجة إضاءات على تجربة الكتابة الروائية للراحل وأبعادها وخصائصها الفنية انطلاقا من مؤلف: «أمجد عبد الدائم يركب البحر شمالا».. علاوة على منابع الشعر لديه أو بالأحرى مصادر إغناء الفكر الشعري الذي كان غنائيا ومحسوسا يرصد نظرة ذاتية لعالم وهمي لا وجود له في عالم الناس كما أوضح الأستاذ «محمد الخبو» في مداخلته التي حملت عنوان «منابع الشعر في كتابات محجوب العياري». السرقة الأدبية والتناص الفرق بين السرقة الأدبية والتناص احدى الاشكاليات التي تمّ إثارتها في النقاش حيث تساءل الحضور من الاطارات والمثقفين عن مدى أحقية المبدع في اللجوء الى التناص وهل هذا يدخل في مجال السرقة الأدبية؟! وقد كان ختام هذا الموعد الثقافي بتتويج أفضل المشاركات الشبابية في مجال الكتابة الشعرية وذلك على هامش المسابقة الوطنية للشعراء الشبان حيث آلت الجائزة الأولى الى الشاب سفيان رجب من ولاية سوسة عن قصيد «رجل يفكر فوق الصخر» أما الجائزة الثانية فكانت من نصيب الشاب التهامي الجوادي من القيروان عن القصيد الشعري «تيه الخطى» أما من جهة بنزرت فقد تمّ الاحتفاء بالمبدعة الشابة إيمان بوكوم المتحصلة على الجائزة الثالثة بقصيد «أنثى السيراميك».