انتظمت أواخر الأسبوع الفارط بالمركز الثقافي بمقرين الدورة الثالثة للمهرجان الجهوي للسينما بالوسط المدرسي ببن عروس تحت إشراف مشترك بين الإدارة الجهوية للتربية ومندوبية الثقافة والمحافظة على التراث بالولاية. المهرجان يُعتبر الأول والوحيد من نوعه على المستوى الوطني ويرد في سياق تكريس الشراكة بين المؤسسة التعليمية والهياكل الثقافية وفي سياق انفتاح النشاط الشبابي التلمذي على محيطه الإبداعي. برنامج الدورة امتد على مدار يومي 14 و15 ماي وتضمّن فعاليات مختلفة إذ تم عرض شريط «عرائس الطين» للنوري بوزيد والفيلم الوثائقي «كان يا ما كان في هذا الزمان» لهشام بن عمّار كما تمت استضافة المخرجة كلثوم برناز لمناقشتها حول تجربتها في الإخراج وحول شريطها «الكسوة» بعد عرضه على الحاضرين. المهرجان تضمّن كذلك مجموعة من الورشات لتعريف الشبان بمختلف التقنيات السينمائية كما انتظمت بالمناسبة مسابقات في تأليف السيناريو وفي إخراج الفيلم القصير جدّا وفي كتابة الأقصوصة والقصيدة. الأستاذ حسن الأقرم عضو الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة حدثنا في مستوى الإبداعات الشبابية المعروضة فأبدى إعجابه بها ولاحظ أن أهم ما فيها هو اتصالها حقيقة بالشواغل الشبابية وما أبداه أصحابها من حماس وروح مبادرة في إناجزها على غرار ما يلاحظ في شريط «صرخة» للشاب وسام صميدة من نادي السينما بمعهد ابن خلدون برادس وسيناريو «حصان الريح» الإنتاج الجماعي لتلاميذ معهد بن عروس... الدورة الثالثة للمهرجان الجهوي للسينما بالوسط المدرسي بولاية بن عروس شهدت يوم الافتتاح إقبالا جماهيريا مميزا عددا ونوعا إذ رافقت العديد من الأسر أبناءها لحضور احتفالهم بالإبداع والسينما فتفاعل الجميع مع المادة الثقافية المعروضة وكان التواصل طيبا بين شرائح اجتماعية وفئات عمرية مختلفة في سياق احتفالي فني حميمي... عموما يبدو أن المهرجان الجهوي للسينما بالوسط المدرسي ببن عروس ببلوغه دورته الثالثة على نحو متواتر منتظم بدأ يفرض ذاته كعادة ثقافية شبابية بل أسرية سنوية يحتفي فيها هواة السينما والإبداع ببن عروس بالصورة والخطاب الجمالي عامة وتنعقد أثناءها الصلة بين أكثر من جيل من أجيال السينما التونسية لاسيما أن المهرجان دأب على تنظيم لقاءات وحوارات بين الشبان وأعلام ووجوه بارزة في مجال الفن السابع على غرار المخرجة كلثوم برناز في دورة هذه السنة والنوري بوزيد ومحمد الزرن والفاضل الجزيري وخالد البرصاوي وعمار الخليفي وإبراهيم لطيّف وغيرهم كثير ممن يجدر التنويه إلى ما يبدونه من رحابة صدر في التعامل مع أسئلة شبابية مربكة أحيانا وحارقة حينا رغم أن حضورهم إلى المهرجان كان من باب التطوع ودون مقابل مالي. تجربة «المهرجان الجهوي للسينما بالوسط المدرسي ببن عروس» جديرة بالاهتمام والدعم والنشر نظرا لما يمكن أن تحققه من أهداف وغايات من حيث هي منبر إبداعي حواري وتصعيد فني عن شواغل الشباب ومن حيث هي مناسبة كذلك لتواصل حقيقي بين أكثر من جيل وهي إلى هذا وذاك إثراء أكيد لرصيد إبداعي مأمول. بقي أن نشير أخيرا إلى ضرورة إعادة النظر في تاريخ هذه التظاهرة وزمنها حتى لا تتزامن مع الاستعداد لاختبارات آخر السنة الدراسية وإلى ضرورة مزيد شحنها بما يناسب من الحوافز والدعاية على نحو يضاعف من قدرتها على الإشعاع والاستقطاب.