هل فعلا حقق «أسطول الحرية» انتصارا على الكيان الصهيوني؟ وما هي هذه الانتصارات وفيم تتمثل؟ والى أي مدى استفادت غزة من الحركة التي قام بها المتضامنون؟ أسئلة فرضت نفسها على الساحة الدولية بدرجة أكبر من الساحة العربية حيث وبينما مازلنا نتغزل بالحادثة ونلعن اسرائيل على ما أقدمت على فعله بدأ المثقفون والكتاب والمحللون الغرب في احصاء الهزائم التي لحقت بكيان الاحتلال شعبا وحكومة جراء العدوان على قافلة الحرية. وجاءت المقالات الصادرة في الصحف الغربية ثرية بالانتصارات، وقائع لم نفق بعد لاحصائها والبحث عن سبل استغلالها لكسر الحصار الجائر المفروض على غزة والقضية الفلسطينية بصفة عامة. الانتصار الأول حققت قافلة الحرية انتصارها الاول عندما أثبتت للنظام العالمي الجديد أنه لم ينجح في تكريس الطابع الفردي في حياة الشعوب الذي يرمي الى تحويلها الى مجرد أسواق تستهلك بضائعه اقتصاديا وثقافيا وسياسيا. فقد أكد المتضامنون أن الأممية لم تمت وما تجمعهم الا دليل على تواصلها. الانتصار الثاني حقق «أسطول الحرية» انتصارا كاسحا على التعتيم الاعلامي وعلى آلة الدعاية الصهيونية التي لم تشهد هزيمة مماثلة منذ انبعاثها قبل ولاية كيان الاحتلال. حيث نقلت معظم الصحف والقنوات التلفزية والاذاعية في العالم الوقائع كما هي وليس مثلما حصل مثلا في العدوان على غزة عندما اكتفت الصحف والقنوات التلفزية خاصة بنقل صور لمزرعة في احدى المستوطنات سقط بها صاروخ فلسطيني. الانتصار الثالث لم تشهد صورة اسرائيل لدى الرأي العام الغربي خاصة زلزالا كالذي أحدثته لها سفن الحرية، فقد كانت تصور دائما كدولة محاطة بالخطر العربي من كل جانب ومن حقها الدفاع عن نفسها، لتصبح دولة همجية تقتل الأبرياء ودون رحمة مما جعل الرأي العام الغربي ينقلب على قادته ويطالبهم بمعاقبتها. الانتصار الرابع فضحت قافلة الحرية التواطؤ الأمريكي الأعمى مع الكيان الصهيوني مما جعل ادارة أوباما تواجه أشد الانتقادات داخليا هذه المرة. الانتصار الخامس كشفت الهجمة التي تعرض لها الأسطول للرأي العام الدولي عامة هشاشة النظام الدولي الذي مكّن اسرائيل من تجنب العقوبات بصوت واحد وهو الصوت الأمريكي. الانتصار السادس نزعت القافلة عن الأنظمة الأوروبية بزعامة فرنسا قناع الراعي الاول لحقوق الانسان في العالم، حيث تنازلت عن هذا الدور في أول اختبار أمام اسرائيل. الانتصار السابع أعادت قافلة «أسطول الحرية» ملف كسر الحصار على قطاع غزة الى مركز الاهتمام الدولي بعد أن نجحت اسرائيل في اقناع العالم ان الغرض من الحصار هو اضعاف حركة «حماس». الانتصار الثامن تمكنت الدموية التي اتصفت بها الهجمة الاسرائيلية على القافلة من زعزعة الجبهة الداخلية في كيان الاحتلال وطالب وزراء ونواب وعسكريون كبار ومثقفون ومواطنون اسرائيليون بمحاكمة قادتهم السياسيين. الانتصار التاسع أجهضت القافلة كل الجهود التي قام بها نتنياهو وحكومته مؤخرا لدعم الجبهة الداخلية وأصبحت المناورات التي كلفت المليارات لهذا الغرض في خبر كان. الانتصار العاشر وجهت قافلة الحرية الى كيان الاحتلال ضربة قاصمة على المستوى الاقتصادي حيث ألغت عديد البلدان مبادلاتها التجارية معها كما توقف آخر عن استيراد الأسلحة منها. كما تلقت السياحة الاسرائيلية ضربة موجعة أيضا نتيجة لتلك القرارات. الانتصار 11 كسرت سفن الحرية الحصار السياسي الذي كان مفروضا على حركة «حماس» وأصبحت الحركة تتحرك بحرية أكبر خاصة في بلدان الاعتدال العربية. الانتصار 12 تمكنت ردود الفعل التي تلت الهجوم الدموي من الضغط على مصر لتفتح الحصار من جهتها وليظل معبر رفح مفتوحا الى أجل غير مسمى. الانتصار 13 حاصرت سفن قافلة الحرية بالدماء التي غطتها دول الاعتدال العربية لتدفعها الى اتخاذ مواقف أكثر قوة من ذي قبل. وأكدت لها أن الاعتدال فقد مفعوله مع همجية وشراسة الاحتلال. أعظم الانتصارات قدم شهداء «أسطول الحرية» وبدمائهم الطاهرة الزكية لأحرار العالم جسرا يوصلهم الى غزة، جسر قد تسير عليه يوما ما قوافل للحرية تحمل على متنها أبطالا آخرين يحلمون بتحقيق البعض من انتصارات «أسطول الحرية» ولن يحتاجوا الى النجوم لترشدهم فمياه المحيط ستأخذهم الى مكان الواقعة وستسليهم نسائم الحرية بقصص عن مآثر أبطال. «أسطول الحرية» لقد حقق الشهداء أكثر مما ذكرنا خلال ملحمة «أسطول الحرية» لكن السؤال الذي يطرحه حتى الغربيون هو هل يستغل العرب هذه الانجازات على أرض الواقع؟أم أن هذه البطولات سيطويها النسيان؟ مثلما حدث مع الشهداء راشيل كوري وتوم هاريندال وجيمس ميلر، «وتعود حليمة الى عادتها القديمة» من تملق وتنازل لاسرائيل.