ساعتان تقريبا قضاها التقني الايطالي محاصرا بالنيران والدخان بين الطوابق الستة لمطاحن الحبوب بصفاقس منتظرا مصيره.. ساعتان تقريبا هرول فيها بين كل الطوابق وبين المعدات والتجهيزات ثم استقر رأيه ليصعد الى أعلى نقطة من المصنع لينجوبحياته من الموت المحقق بتدخل كبير من أعوان الحماية المدنية والشرطة.. هذه الحادثة تم تسجيلها صبيحة يوم أمس بصفاقس ، ففي حدود الساعة العاشرة صباحا ، وحين كان العمال والتقنيون والاداريون المقدر عددهم ب 100 عامل يقومون بواجبهم المهني ، اندلعت ألسنة النيران بمصنع المطاحن الكبرى الواقع بالمنطقة الصناعية ببودريار .. النيران سرعان ما ارتفعت عاليا لتغطي جدران الطوابق الستة للمصنع، وقد تمكن أغلب العمال من الفرار من المكان مهرولين في اتجاهات مختلفة والفزع يقبض على قلوبهم في يوم شديد الحر.. هرول الجميع وفروا من بين النيران ودخانها المتصاعد الا تقني ايطالي الجنسية كان يحرص على اصلاح العطب الذي حصل في مضخة هواء Compresseur فحوصر بالمكان ولم يقدر على الفرار من ألسنة اللهب التي طوقته من كل جانب.. للنجاة بحياته ، جرى الايطالي وهرول وقفز بين المعدات التي أتى عليها الحريق في محاولة منه للتوقي من ألسنة اللهب في مكان آمن لا تقترب منه النيران ، جاب بين كل الطوابق وبين كل المكاتب والمخازن في وقت كان فيه بقية زملائه ينتظرون اطلالته سليما معافى.. الجميع كان يفكر في مصير الايطالي في وقت كان فيه التقني يبحث عن سبيل للنجاة الى أن استقر رأيه على الصعود الى أعلى بناية المصنع واختار زاوية بعيدة نسبيا عن ألسنة النيران منتظرا تدخلا من أي منقذ ينجيه من الموت المحقق.. وفعلا كان أعوان الحماية المدنية والشرطة على عين المكان ، وتحت أنظار والي صفاقس السيد محمد بن سالم مرفوقا بمعتمد المدينة السيد عبد الله المزوغي ومدير اقليمصفاقس للشرطة السيد بدر الدين خشانة الذين تحولوا لمتابعة نجاعة التدخلات وسرعتها ، تم انزال الايطالي بواسطة آلة رافعة ولسان حاله يقول نعم نجوت من الموت المحقق.. نجا الايطالي كما نجا من قبله بقية عمال المصنع الذي اشتعلت فيه النيران لمدة ساعتين تقريبا صبيحة يوم أمس.. أما عن أسباب الحريق ، فالمعلومات التي توفرت ل«الشروق» تؤكد انها نتيجة عطب تقني بمضخة هواء Compresseur تسببت في اشتعال نيران بكل الأسلاك والكوابل الكهربائية المتصلة بالتجهيزات والتقنيات المعتمدة لطحن الحبوب وغسلها . وتؤكد مصادر «الشروق» ان الخسائر المادية وبالرغم من فداحتها الا انه تم الحد منها بعد محاصرة النيران حتى لا تتسرب الى مخازن الحبوب التي كانت تحتوي على كميات هامة منها . الجهات الأمنية، وبعد اجلاء الايطالي ونقله للمستشفى لكشوفات طبية روتينية لمزيد التأكد من سلامته ، فتحت تحقيقا في الموضوع لمعرفة السبب الرئيسي للحريق وحجم الخسائر التي تبدو مرتفعة للغاية..