أيّة مكانة للبيئة في سلوك التونسيين؟ وما مدى استعداده للقيام ببعض «الحركات» البسيطة التي تساعد على الحماية من التدهور البيئي في بلادنا؟ جملة من التساؤلات تضمّنها أوّل استبيان من نوعه في تونس حول «السلوك البيئي للمواطن التونسي» أجراه حزب الخضر للتقدم مؤخرا وقدّمه أمينه العام السيد منجي الخماسي يوم السبت الماضي بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للبيئة (5 جوان). وشمل الاستبيان 1000 مواطن من الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية بعدّة مناطق في البلاد (شمال وسط جنوب) ومن الوسطين الحضري والريفي وينشطون في عدة مجالات (اطارات موظفون عمّال مهن حرّة طلبة متقاعدون...). وقال أكثر من نصف المستجوبين (62٪) إنهم غير مهتمّين أو قليلو الاهتمام بالشأن البيئي في تونس، في حين كان البقية من المهتمين لكن بدرجات متفاوتة (22٪ كثيرو الاهتمام و14٪ مهتمون و16٪ متوسطو الاهتمام). هواء... وسيّارات بقدر ما عبّر أغلب المستجوبين (57٪) عن قلقهم من التلوث الهوائي باعتباره أحد أكبر أسباب التدهور البيئي في تونس، بقدر ما بدت عليهم «السلبية» و«الأنانية» عند سؤالهم عن استعدادهم للمساهمة في الحد من هذا الخطر المحدق. فالأغلبية الساحقة من «القلقين» من التلوث الهوائي يرفضون التنازل عن استعمال السيارة ولو ليوم واحد!! باعتبار أن السيارة أحد أكبر مصادر التلوث الهوائي. حوالي 20٪ فقط من المستجوبين عبّروا عن استعدادهم للمشاركة في «يوم دون سيارات» ولاستخدام وسائل النقل العمومي او الدراجات الهوائية! وأكثر من ذلك اعتبر أغلب المشاركين في الاستبيان (حوالي 55٪) أنهم غير حذرين ولا يبالون عند استهلاك المحروقات وحوالي 20٪ «حذرين أحيانا» ومثلهم دائمو الحذر... ورغم أن كلمة «محروقات» تشمل كل المواد الطاقية (كهرباء بنزين غاز) إلا أنها تحيل أكثر فأكثر الى وقود السيارة... ويتضح من خلال أجوبة المشاركين في الاستبيان أن التونسي غير مستعدّ للتنازل عن السيارة سواء لحماية البيئة أو لترشيد استهلاكه من المحروقات وأنه يلزمنا سنوات أخرى من الانتظار لنكتسب بعض السلوكات الموجودة اليوم لدى مواطني الدول المتقدمة (مثل استعمال الدراجة الهوائية أو وسائل النقل العمومي او المشي على القدمين...) في سبيل حماية البيئة والمحافظة على الطاقة وأكيد أن ذلك لن يحصل الا بمزيد التحسيس والتوعية وبمزيد العناية بوسائل النقل العمومي ليقبل عليها أصحاب السيارات أكثر فأكثر. «لا أعرف» تقوم وسائل الاعلام بدور هام في تحسيس وتوعية المواطن بأهمية المحافظة على البيئة والمحيط وذلك عبر الومضات والاعلانات التحسيسية... غير أن استبيان حزب الخضر للتقدم كشف أن كثيرين (30٪ من المستجوبين) لا يحملون أية فكرة عن هذه الحملات سواء في التلفزة أو في وسائل الاعلام بشكل عام. وعلى صعيد آخر، قال حوالي 74٪ منهم إنهم يجهلون وجود حزب سياسي في تونس يدافع عن البيئة وأكّد 84٪ منهم أنهم غير منخرطين في جمعية للدفاع عن البيئة. وحول الوضع البيئي في العالم، اتضح أن كثيرين يجهلون عنه أية معلومة (37٪)، ويجهل 71٪ منهم وجود مؤتمرات بيئية عالمية تعنى بالبيئة (على غرار كوبنهاغن وريو دي جانيرو). حلول اقترح المستجوبون عدّة حلول لمزيد العناية بالشأن البيئي ولمزيد تحسيس الناس به وركزت الاغلبية الساحقة منهم على ادراج مادّة التربية البيئية في مناهج التعليم الاساسية والثانوية (76٪)، فيما عبّر آخرون (70٪) عن استعدادهم للانضمام الى جمعية تعنى بالدفاع عن البيئية... واعتبرت الاغلبية أيضا أن دور الجهة المسؤولة عن الشأن البيئي (وزارة البيئة) وبقية السلطات العمومية يأتي قبل دور المواطن والمؤسسات الخاصة في حماية البيئة والمحيط.