حين سمعت عن روايتها «طيور الشارع الكبير» اعتقدت في البداية أن ما تكتبه هدى ادريس يندرج ضمن الترف الفكري أو الانخراط في تلك الاجواء «النسوانية» او من أجل الاثارة ولفت الانتباه. وحين توغلت في قراءة هذه الرواية الصادرة في طبعة انيقة عن منشورات وليدوف اكتشفت كاتبة زادها العفوية والرغبة عن الاعلان عن نفسها كروائية بعدما جاهرت بالشعر والقي القبض عليها متلبسة بالتمثيل... من أين نبدأ الحديث مع شاعرة وممثلة ومحامية وروائية؟! قالت مبتسمة: «التعبيرات الفنية لا تتجزأ وحين تثور بداخلك الاحاسيس لا تملك الا أن تنضبط وتنصاع لتعليماتها لا تبقي لك هذه الاحاسيس سوى خيار وحيد هو ان تختار القالب الذي تؤطرها داخله! وتضيف: «شخصيا احب المغامرة وخوض كل انواع التجارب ولو كانت لي القدرة الفنية على الرقص الفني لرقصت... المهم الاضافة بعيدا عن الاثارة». يقال انك هربت من الشعر بعد تجربة وصفت بأنها «غير ناجحة» بالمعنى التسويقي للرواية؟ انا قبل كتابة الشعر كانت لي محاولات في الرواية لكني لم أكن مقتنعة بها كثيرا... كتبت عن عالم محامية لكني عدلت عن ذلك حتى لا تقرأ الرواية وكأنها سيرة ذاتية. لكن البعض رأى أن «نجلاء» بطلة روايتك هي هدى ادريس؟ أنا موجودة في كل الشخصيات اما نجلاء فليس لي منها الا بعض الملامح! عدلت عن فكرة المحامية في نصك الذي لم تقتنعي به هل هذا ما يفسر اي اشارة للقضاء او المحاماة في روايتك؟ كما قلت لك يمارس الكاتب عادة اساليب التخفي ولا يريد الاعلان عن نفسه والتورط في كشف كثير من التفاصيل لكنه لا يفلح دائما والقارئ من عادته ميال للتتبع والتلصص الجميل من أجل الظفر بأي شيء يقوده الى الكشف عن جوانب يراها مخفية عن الكاتب الذي يتعمد التخفي ووضع الاقنعة. كم من قناع حملت في الرواية؟ الكاتب هو من يحسن التخفي والتلون كالحرباء والقارئ الجيد هو الذي يحسن تتبع واقتفاء الاثر... عاب البعض عليك اعتمادك شخصيات غير سوية بشكل مطلق؟ لا معنى للفن اذا تعاطى مع السائد الشخصيات غير السوية هي التي تعطي للرواية زخمها وتحرك احداثها ثم ماذا نعني ب «السوي» هل الذي يخفي عقده؟ وهل الذي يحسن الظهور نظهر المتوازن؟ كلنا في النهاية نحمل عقدا وكلنا غير سويين اذا شئنا بمعنى ان نحمل كثيرا من العقد لكن مزيتنا اننا نعرف كيف نظهر في أجمل صورة ونخفي عقدنا! يعاب عليك اعتمادك بعض الأساليب المباشرة مثل الحديث عن الطاهر الحداد الحوار وبورقيبة بشكل مطول وأيضا ذكر عناوين الأغاني في أكثر من موضع؟ هذه تجربتي الأولى ومن حقي ان أخطئ وهذه الملاحظات سمعتها كثيرا وهي صائبة وسأعمل على تلافيها مستقبلا... في الرواية كثير من الجرأة وخلخلة للمتعارف عليه الم «تصنصري» نفسك؟ حين كتبت لم أفكر الا في القارئ كنت ساخرة احيانا ومباشرة في بعض المواقع لكني لا اخفي اني خففت بعض الأشياء التي رأيتها لا تضيف شيئا بالمعنى الجمالي أما «الصنصرة» بمنعى قراءة حساب آخرين فلم افكر في ذلك مطلقا! قيل ان روايتك من اكثر الروايات مبيعا؟ هذا ما قاله أصحاب المكتبات وهذا شيء مفرح ويبشر بعودة القارئ الى الكتاب وشخصيا عملت جاهدة الى ان تصل روايتي الى القراء لاني أؤمن بأن الكاتب هو الذي يجب ان يسعى الى القارئ وليس العكس في مجتمع هان فيه الكتاب ولم يعد له قراء كثيرون!