رسالة التهنئة الّتي توجّه بها أمس رئيس الدولة إلى شقيقه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة احتفال الشعب الجزائري بالذكرى الثامنة والأربعين لعيد الاستقلال تعكسُ مرّة أخرى عُمق العلاقات الأخوية والممتدة التي تجمع الشعبين الشقيقين في تونسوالجزائر. هي علاقات تاريخية ذات وشائج لا حصر لها ويكفي هنا الإشارة إلى أنّ تونس المستقلة لم يهنأ لها بال حكومة وشعبا إلاّ لمّا حازت الجزائر على استقلالها وكانت تلك النظرة الإستراتيجية التي آمن بها الزعيم الحبيب بورقيبة وعموم قيادات الحركة الوطنية وبناة الأركان والأسس الأولى للدولة التونسية والتي مفادُها أنّ الاستقلال الوطني سيبقى منقوصا وأنّ استقرار البلاد وأمنها سيظلّ مهدّدا في حال تواصل احتلال البلد الشقيق والعزيز، تلك النظرة هي التي وطّدت أواصر التقارب والتضامن ومكّنت من توجيه المساعدات إلى المناضلين الجزائريين عبر الشريط الحدودي وتقديم الدعم السياسي والدبلوماسي القوي في مختلف المحافل والهيئات الدولية، بل وامتزجت الدماء التونسيةوالجزائريّة في حادثة ساقية سيدي يوسف الشهيرة وظلّت تلك الإرادة الشجاعة قائمة إلى حين أن حازت الجزائر استقلالها وخرج المستعمر الفرنسي عن كامل المنطقة. وإلى اليوم تظلّ تلك الرؤية الإستراتيجية في الاستقلال المشترك والأمن الواحد قائمة وقد زادها الرئيسان بن علي وبوتفليقة متانة وصلابة ومكّناها من تقوية أسسها ومرتكزاتها استجابة لحاجيات الحاضر ومتطلّبات المستقبل تعزيزا لتطلعات الشعبين الشقيقين في النماء والرفاه ولما فيه مصلحتهما المشتركة ودعما كذلك لمسيرة اتحاد المغرب العربي. واليوم تؤكّد المؤشرات والإحصائيات والبيانات أنّ علاقات الأخوة بين البلدين أصبحت أكثر متانة وأنّ مظاهر التعاون المثمر القائمة بين تونسوالجزائر بلغت مستوى متميزا وأنّ تلك العلاقات شهدت تطورا مطّردا في جلّ المجالات والميادين ممّا مكّن من تجسيد عملي وحقيقي لروح التضامن والتوافق والشراكة بين البلدين. إنّها علاقات منغرسة في عمق التاريخ مؤمنة بحاضرها الواحد والمشترك متفائلة بالمستقبل المستجيب لحاجيات وتطلعات الأجيال المقبلة والموفّر لسبل الانطلاق نحو المزيد من المكاسب والانجازات للشعبين الشقيقين، ومّما لا شكّ فيه فإنّ الثقة المتبادلة والانسجام في جلّ المواقف السياسية وغيرها والرغبة الصادقة والمشتركة التي تحدو الرئيسين بن علي وبوتفليقة تعدّ ضمانة حقيقيّة لمزيد النظر إلى ذلك المستقبل الواحد بأكثر تفاؤل وأكثر إيجابية لرؤية أشياء جديدة تتحرّك على الأرض دعما للعلاقات الأخوية بين الشعبين التونسيوالجزائري.