لم يجسد اللاعب الدولي السابق محسن الجندوبي صورة المدافع الصلب صاحب الروح الانتصارية العالية والامكانات البدنية الهائلة سواء في صفوف فريقه الأم الملعب التونسي او كذلك في صفوف المنتخب الوطني وإنما حرص الجندوبي على ترسيخ الروح الرياضية فوق الميدان وخارجه وهو ما جعله لا يتحصل سوى على بطاقة صفراء وحيدة في مسيرته الكروية التي أبى إلا ان يتوجها بمشاركة تاريخية وخالدة في مونديال الارجنتين عام 1978 بألوان المنتخب الوطني التونسي وخاض الجندوبي آنذاك المقابلات الثلاث التي واجه فيها المنتخب الوطني منتخبات المكسيك وبولونيا وألمانيا.. «الشروق» تحوّلت الى منزل محسن الجندوبي ورصدت مواكبته لمونديال جنوب افريقيا الذي خير مشاهدته في البيت رفقة عائلته وابنه أكرم فأكد ما يلي: هكذا شاهدت أول مونديال.. تحدث الجندوبي عن أول مونديال شاهده في حياته قائلا: «أذكر اننا خلال فترة الستينات كنا نقطن في منطقة حي الزهور وقد ظهر التلفاز الى الوجود في تلك الفترة ولكن للأسف الشديد لم يكن بوسع والدي اقتناء ذلك الجهاز بحكم ان الأولوية كانت لمتطلبات الحياة اليومية فلم أجد من سبيل سوى متابعة مقابلات مونديال أنقلترا 1968 عبر شاشة التلفاز التي اقتناها أحد الجيران الذي تحول منزله الى ملعب حقيقي بحكم ان كل الجيران توافدوا على المكان لمشاهدة المونديال للمرة الأولى ولو وسط الزحام والضجة... وبالرغم من ذلك فقد شاهدت المونديال وأذكر جيدا ابداعات البرتغالي المميّز «أوزيبيو» والإنقليزي «بوبي شارلتون»... وشعرت بخيبة كبيرة عندما غادر فريقي المفضل: البرازيل ذلك المونديال منذ الدور الأول... الحلم يتحقق.. عاش الجندوبي المونديال كمشاهد لكنه عاشه ايضا كلاعب عام 1978 بالأرجنتين تحدث عن ذلك فقال: «شخصيا لم أكن أتوقّع أننا سنبلغ في يوم من الأيام أكبر تظاهرة رياضية في العالم فقد كنا ننظر الى نجوم تلك المنتخبات ونعتقد انها استثنائية وغير عادية... الى أن جاء اليوم الموعود عام 1978 وتحوّلنا الى الأرجنتين وشاركنا في المونديال وواجهنا عمالقة الكرة العالمية بندية كبيرة وشخصيا أعتقد ان الكرة انصفت شخصي فلئن لم أتمكن من تحقيق الألقاب مع فريقي الأم الملعب التونسي فقد كانت «ملحمة» الأرجنتين أفضل معوّض لذلك أعتبرها شخصيا أهم مرحلة في حياتي على الإطلاق وأذكر جيدا أن الشعب الارجنتيني ساندنا بعد الأداء الباهر الذي قدّمناه خاصة خلال مقابلتنا الأولى امام المكسيك وهتفت الجماهير الارجنتينية باسم تونس فوق المدارج وحتى في الشوارع ولعل من الطرائف التي رافقت رحلتنا الى الأرجنتين انني كنت شخصيا من هواة الحليب المركز الذي لم يكن يفارقني لحظة واحدة في تونس... لكن بمجرد تحوّلنا الى الارجنتين كنت مضطرا الى اقتناء حليب مشابه له بصفة مؤقتة فاقتنيت حليبا يسمّى «دولتشي ليتشي» وهو ما جعلني محل تندر بعض رفاقي في المنتخب الذي قالوا لي بالحرف الواحد «نخشى على الارجنتين ان تخسر إكتفاءها الذاتي من الحليب بسببك!!!» إن كنت أفرط في تناوله... لا أنكر ان الارجنتين أصبحت منذ ذلك التاريخ تستحوذ على مكانة خاصة في قلوبنا فهي تذكرنا بأيام المجد.. الألمان حافظوا على تقاليدهم الكروية تحدث الجندوبي ايضا عن مونديال جنوب افريقيا الذي اوشك على نهايته فقال: «أعتقد ان المستوى الفني العام كان متواضعا جدّا بل أعتقد انه المونديال الأسوأ على الاطلاق وشخصيا كنت أنتظر وصول المنتخب الغاني الدور نصف النهائي في ظل الزاد البشري الثري والشباب المتوفّر بحوزة منتخب «النجوم السوداء» ومع ذلك أظن ان المنتخب شأنه في ذلك شأن المنتخب الجزائري الشقيق... وبالنسبة للمنتخب الألماني الذي سبق وأن واجهته فقد حافظ على تقاليده المعهودة المستندة أساسا على عدم الاستسلام واللياقة البدنية العالية والصلابة الدفاعية والتنظيم المحكم والجدية.. نعم، أعشق البرازيل... لم يخف الجندوبي عشقه لمنتخب البرازيل قائلا: «شخصيا أشجع المنتخبات العربية والافريقية لكن لا أنكر أنني من عشاق «الصامبا» وبدرجة أقل المنتخب الايطالي وأيضا المنتخب الفرنسي عندما كان يضم في صفوفه «زيدان»... اما ابني أكرم فهو ايضا لاعب كرة القدم سبق له الاحتراف في الدوري الليبي وأيضا البطولة العمانية وهو من عشاق الترجي ويساند كل المنتخبات التي تقدم عروضا كروية مميّزة.