تونس «الشروق»: ذات صيف 1980، صعدت على ركح قرطاج فتاة نحيفة، وغنت بأسلوب لم يعتده الجمهور التونسي، غنت ب«البلاي باك» وتمايلت على الركح بطريقة فيها الكثير من الحياء.. في ذاك الصيف لم يحقق عرضها النجاح المنتظر، أو لنقل لم يحقق الاجماع.. لكن بعد سنوات قليلة عادت الى ذات الركح بعد أن اشتد عودها ونضجت تجربتها، فأحبها الجمهور وعشق أغانيها، ودخلت قلوب الجميع.. صوت ساحر، وصدق في الأداء واختيار جيد للمواضيع وللجمل الموسيقية.. مشروع فني جدي وجيد كهذا، من الطبيعي أن يحتل مكانة مرموقة في الساحة الفنية العربية عموما وفي تونس خصوصا باعتبارها بلد الانطلاق.. هي الفنانة المتألقة والمطربة الساحرة ماجدة الرومي.. السيدة ماجدة، تعودين الى ركح قرطاج من جديد، لكن هذه المرة للاحتفال بالذكرى 30 لأول لقاء مع الجمهور التونسي؟ إنها ذكرى خالدة بالنسبة لي لن أنسى قرطاج ما حييت، فمن هذا الركح كانت انطلاقتي الحقيقية في عالم الفن، لقرطاج فضل كبير أعطتني الكثير، لذلك أسعى وأجتهد لتقديم أفضل ما عندي لهذا الجمهور العزيز. وعندما أقول قرطاج فإني أقصد الجمهور التونسي ككل. بعد 30 سنة، ماذا تغير في الفنانة ماجدة الرومي؟ من الطبيعي أن تحصل تغييرات، أصبحت أكثر نضجا وأكثر حرفية مع المحافظة على الصدق في التعامل مع الفن واحترام الجماهير في ما أقدمه من فن، تعلمت الكثير طيلة هذا المشوار ومازلت أتعلم.. هل تقوم ماجدة الرومي باستعدادات خاصة لحفلها في قرطاج؟ أقوم بالاستعداد لكل حفلاتي بطريقة واحدة تقوم على الجدية والتركيز في العمل، أكيد هنا كبعض الاختلافات حسب البلد، لكن تبقى اختلافات في الجزئيات، لا أخفي أن الاستعداد لقرطاج له طعم خاص هذا العام باعتبار مرور 30 سنة على أول ظهور لي علىركح قرطاج، وفي الحقيقة كانت أول وقفة لي على هذا الركح، لذلك أردت الاحتفال مع الجمهور التونسي بهذه الذكرى.. وهل سعيت الى ذلك؟ طبعا، دعيت وقبلت الدعوة دون تردد، صدقني أستمتع بالغناء في قرطاج. زياراتك الى تونس متباعدة، لكنها متعددة كيف تجدين تونس مع كل زيارة؟ هناك تطوّر يلاحظ بالعين المجرّدة، لكن ما يلفت انتباهي وإعجابي هو هذا السلم وهذا الاستقرار الذي تتمتعون به، إنها نعمة تحسدون عليها.. لا يمكن أن يشعر بها إلاّ من عاش ويلات الحرب.. على ذكر الحرب، كانت لك مشاركة فعّالة على مستوى العمل الانساني على إثر العدوان الصهيوني الأخير على لبنان؟ لا أريد الحديث عن مثل هذه الأشياء، إنه أبسط واجب يمكن أن يقدمه الانسان لبلده، لم أفعل شيئا أمام تضحيات الأمهات الثكالى والأرامل.. هذا واجب كل وطني وكل من يحب وطنه.. ما تقييمك للمشهد الغنائي العربي؟ فيه الغث والسمين، هناك أصوات جيدة وأخرى تجارية، لكن المشكل أنه في الماضي كانت الأصوات الجميلة والأغاني الطربية الجيدة هي المسيطرة، والأغاني التجارية على الهامش، اليوم صار العكس، الفن الجميل صار نادرا والسيطرة للفن التجاري. إلى أي حدّ يمكن أن تتنازل السيدة ماجدة الرومي لتواكب ما يحدث في الساحة؟ لا تنازل في الفن، الحمد للّه لم أجد نفسي مضطرة للتنازل فنيا بفضل التفاف الجمهور حول فني، هذا الحب هو الذي يعطيني الدفع للاستمرار في هذا التوجه ويوم أشعر أنني مضطرة للتنازل فسأعتزل. هل صحيح، أن الجمهور الشبابي هو الذي يفرض النمط الموسيقي الذي نسمعه اليوم؟ غير صحيح، الجمهور الشبابي أو غيره يتفاعل مع كل فن أصيل وجيد، لا وجود لأغنية شبابية وأخرى للكهول، هناك أغنية جيدة وأخرى لا.. هل تفكر السيدة ماجدة الرومي في مثل هذه المسائل وهي تعد لأغنية جديدة أو ألبوم جديد؟ لا أفكر إلا في أن أقدم عملا فنيا أصيلا يصل الى قلوب وعقول الناس، لا يمكن تحديد شريحة معينة للتواصل معها، جمهوري من كل الشرائح العمرية والاجتماعية وهذا بفضل ربي. هل أثرت مسألة طلاقك على فنّك؟ هي أزمة وتجاوزتها، أكيد أنها أثرت نسبيا، لكن أحمد اللّه أنني تجاوزتها بسلام وأنا بينكم هذه الأيام لأستعيد اللحظات الجميلة. ما جديدك الفني بعد هذه الجولة الصيفية؟ أنا أستعد لألبوم جديد أعلق عليه آمالا كبيرة، وسيكون من أهم الأعمال التي قدمتها طيلة مشواري الفني وأرجو أن ينال إعجابكم هنا في تونس. إلى أن نلتقي مجدّدا؟ أنا سعيدة جدّا بوجودي هنا في تونس، بين أحبائي، وشكرا لكم على إتاحة الفرصة من جديد لأستنشق رائحة الياسمين.