حاوره: المنصف بن عمر في رصيده أكثر من 500 أغنية، وغنى له رموز الأغنية التونسية من نعمة وعلية ويوسف التميمي الى صابر الرباعي ومحمد الجبالي ودرة الفورتي وآمنة فاخر، مرورا بعدنان الشواشي وسليم دمق ومنية البجاوي وليليا الدهماني.. بدأ حياته الفنية مطربا وعازفا على آلة العود قبل أن يدخل غمار التلحين من بابه الكبير.. تحصل على العديد من الجوائز وحظي بالتكريم في أكثر من مناسبة ولعلّ آخرها تكريمه نهاية الأسبوع الماضي في حفل افتتاح الدورة الأولى لأيام قرطاج الموسيقية.. حوارنا اليوم مع أحد رموز الأغنية التونسية الفنان الملحن محمد رضا.. متى بدأ ولع محمد رضا بالموسيقى والغناء؟ منذ طفولتي، كنت مغرما بالموسيقى والغناء وكنت أعشق الأفلام الاستعراضية التي تضم الكثير من الأغاني. متى بدأت احتراف الفن؟ مسيرتي الفنية بدأت تقريبا في بداية الخمسينات وبدأت كمطرب، غنيت في الاذاعة أكثرت من مرة وفي أوقات الذروة التي كانت مخصصة لكبار الفنانين مثل علي الرياحي وصليحة، لكن احترفت الفن بصفة رسمية عام 1959. هل تذكر أول أغنية أديتها؟ طبعا، كانت بعنوان «لاش تحسب الأيام»، لأحمد القلعي، ثم أغنية «يا وخياني دلّوني» كلمات أحمد عبيريقة. هل درست الموسيقى؟ نعم درست الموسيقى لكن بعد أن اقتحمت الميدان، دخلت المعهد الوطني للموسيقى الذي كان مقره نهج زرقون. وأنا في سن الثانية والثلاثين درست على يد موسيقي ايطالي. كما تعلمت الموشحات والمالوف على يد المرحوم عبد الحميد بلعلجية. متى دخلت فرقة الاذاعة؟ كان ذلك يوم غرة جويلية 1966، ولدخولي الاذاعة قصة. فقد لحنت للمطربة نعمة قصيد بعنوان «كان في قلبي فجر» وغنته نعمة في حفل بمناسبة احياء ذكرى أبو القاسم الشابي بقصر الجمعيات (دار الثقافة ابن رشيق حاليا). لم أحضر الحفل وأعجب الجميع بالعمل، لم أكن حاضرا وصادف أن حضر الحفل المرحوم محمد مزالي الذي كان وقتها المدير العام للاذاعة والتلفزة وأعجبه العمل. فدعاني عن طريق عبد المجيد بن جدو وعبد العزيز قاسم للانضمام الى فرقة الاذاعة، وبدأت رحلتي مع الفرقة. اضافة الى السيدة نعمة لمن لحن محمد رضا؟ الى جلّ الفنانين من علية ونعمة ويوسف التميمي الى عدنان الشواشي وسلاف وزهيرة سالم ومحسن الرايس وليليا الدهماني وسنية مبارك وأمينة فاخت وعلياء بلعيد الى جانب أعمال للجيل الجديد مثل درة الفورتي ورؤوف عبد المجيد وآمنة فاخر. من غنى لأول مرة من ألحانك؟ الفنان صابر الرباعي غنى لأول مرة من ألحاني، كذلك محمد الجبالي أول أغنية له كانت بامضائي.. ما هي الأغنية التي صنعت شهرتك كملحن؟ كثيرة هي الأغاني التي قدمتني للجمهور العريض، والبداية كانت مع أغنية «أكتب هواك يا عين» و«أول ليلة يا حبيبي» أدتهما الفنانة ليليا الدهماني، كلمات حسن المحنوش. ثم تتالت الأغاني التي أخذت شهرة كبيرة على غرار «ما نحبش فضة وذهب» للمرحومة علية و«تعدى الزين الزين تعدّى» للمطربة نعمة وكذلك «ريتو واللّه ريتو» و«ما تفكرناش» و«لا لا يا سيدي» لسلاف، ومجموعة كبيرة من الأغاني الناجحة لزهيرة سالم.. كم من أغنية في رصيدك؟ أكثر من 500 أغنية آخر أغنية لحنتها؟ آخر أغنية لحنتها كانت بعنوان «قدري» كلمات جعفر ماجد وغناء أنيس اللطيف وهي أغنية سجلتها عام 2009 وقدمت بمناسبة ذكرى وفاة الشاعر جعفر ماجد. هل تبث أغانيك؟ في رصيدي الكثير من الأغاني التي لم أسمعها إلاّ في الأستوديو أثناء التسجيل وأخص بذلك الأغاني الأخيرة التي قدمتها للأصوات الشابة مثل آمنة فاخر ودرّة الفورتي وسمية الحثروبي ورؤوف عبد المجيد. هل يؤلمك هذا؟ طبعا، الكل يتحدث عن أزمة في الأغنية التونسية لكن إذا لم تبث الأعمال الجديدة، فكيف يمكن أن يعرفها الجمهور ويطلع عليها النقاد، في الماضي كانت الأولوية للأغنية التونسية، لكن اليوم الفن الشرقي من لبناني وغيره هو المسيطر وهذا أثر على ذوق الجمهور، اليوم صرنا نشاهد الجمهور يرقص على أغاني ماجدة الرومي وغيرها. برأيك حصل تغيّر في المشهد الغنائي؟ طبعا، أعطيك مثالا، في الماضي كنا نسمع في المقاهي المالوف والموشحات والأغاني التونسية الأصيلة حتى الشرقي لا نسمع إلا لأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب أما اليوم فلا نسمع في المقاهي إلاّ الرديء من الأغاني. تم تكريمك في حفل افتتاح أيام قرطاج الموسيقية، ماذا يمثل لك هذا التكريم؟ هو شرف لكل فنان أن يكرّم، وهذا التكريم له طعم خاص لأنه يأتي في اطار أول دورة لأيام قرطاج الموسيقية، لكن هناك تكريمات أخرى أعتز وأفتخر بها وفي مقدمتها الجائزة الوطنية للفنون والأداب التي منحني إياها سيادة الرئيس زين العابدين بن علي. تحصلت أيضا على جوائز في مهرجانات موسيقية؟ طبعا، أغنية «الساحرة» غناء علية وكلمات جعفر ماجد تحصلت على الجائزة الأولى في مهرجان علي الرياحي عام 1982 وأغنية «سهرنا سوى» حازت أيضا على الجائزة الأولى في المهرجان، كذلك أغنية «يا فاطمة ما أحرّ نار الفرقة» لمصطفى الشرفي، أيضا أغنية «خليك آه يا ليل» غناء صابر الرباعي فازت بالجائزة الأولى، و«حبيبي انت لي وحدي» كلمات نورالدين صمود وغناء رؤوف عبد المجيد فازت بالجائزة الأولى في مهرجان الموسيقى التونسية.. ما رأيك في الأغنية التونسية حاليا؟ فيها الجيد وفيها الرديء، المشكل يكمن في أن المادة سيطرت على عقول الجميع. الهاجس الفني صار آخر اهتمامات أهل الفن. كلمة أخيرة؟ الحمد للّه أنني وأبناء جيلي أخذنا نصيبنا وحقنا وعشنا العصر الذهبي للأغنية التونسية، وأرجو أن تعود أغنيتنا الى مجدها فمن المؤسف أن نرى الشعب الذي كان يغني المالوف صار يرقص على ايقاع الأغاني الهابطة.