أثارت سهرات مهرجان قرطاج الدولي في دورته الأربعين الكثير من الجدل، وتعرض المهرجان الى موجة من النقد لم يشهدها منذ دورات، وتركز النقد الموجه للمهرجان على الحفلات «الروتانية» أي نجوم «روتانا». وإذا كان النقد الموجه الى هؤلاء في محلّه نظرا الى مستوى بعض الأصوات وانسحاب بعض الأسماء والخلافات التي أثارها بعض مطربي «روتانا»، كل هذه الاحداث أربكت برمجة المهرجان.. لكن هل يمكن اختزال مهرجان قرطاج في عروض «روتانا»؟! فطعا لا، فالدورة الأربعين للمهرجان تتضمن عروضا وسهرات أخرى تمّ تهميشها أو اسقاطها من الحسبان عند التقويم. سهرات فبعض سهرات قرطاج هذا العام كانت على غاية من الأهمية والقيمة الفنية، فمن تونس يمكن ذكر الحفل الناجح للمطربة علياء بلعيد، كذلك العرض الفرجوي للمطرب الشعبي الهادي حبوبة، كذلك لا ننسى عرض الافتتاح وأهمية الأصوات التي شاركت فيه وحسن تنفيذ المادة الموسيقية. السهرات التونسية لم تكن وحدها الناجحة في مهرجان قرطاج لصيف 2004، فقد تابعنا عروضا ضخمة وذات مستوى فني راق مثل عرض «الملك أورو» للمسرح الوطني الكوري الذي قدم مقترحا جماليا أبهر الحضور، هناك عرض «آزاهار» للمطربة الاسبانية روزا زاراقوز، التي شنّفت آذاننا بالغناء الاندلسي التقليدي، هذا الى جانب البعد الفرجوي المتوفر في العرض، من اسبانيا أيضا كان جمهور مهرجان قرطاج على موعد مع عرض فرجوي ممتع، ونقصد عرض «الفلامنكو» الذي جمع بين الغناء الاندلسي الجميل بصوت مارينا هريديا، ولوحات رقص الفلامنكو لأحد أشهر الراقصين في اسبانيا خوان اندريس مايا. عروض أجنبية في الانتظار أيضا مجموعة من العروض الاجنبية المهمة، ومنها السهرة الافريقية بمشاركة الفنان العالمي «مانو دي بانقو» (الكامرون)، وكذلك «راي ليما» (الكونغو الديمقراطية)، كلاهما من المراجع الموسيقية لا في افريقيا فحسب بل في العالم، وحضورهم في قرطاج يعد مكسبا للمهرجان. كما لا ننسى أيضا سهرة الفنان الكندي صاحب الشهرة العالمية قارو، الذي تعامل مع أسماء كبيرة مثل الفنانة سيلين ديون. السهرات التونسية والعروض الاجنبية، ليست وحدها النقاط المضيئة في مهرجان قرطاج لهذا العام، فثمّة أيضا برمجة سينمائية على غاية من الأهمية، فاقتراح أفلام مثل «طروادة» أو «ميستيك ريقار» أو «قراصنة الكاراييب» أو «ديسبيرادو 2».. وغيرها من الأفلام الأخرى المبرمجة بعد سهرة الاختتام، نقطة تحسب للمهرجان. إذن، مهرجان قرطاج لهذا العام ليس سهرات عربية فقط، بل أيضا عروضا تونسية ناجحة، وسهرات أجنبية من الطراز الرفيع، بل يمكن القول ان بعض السهرات العربية كانت في مستوى راق مثل حفل فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية.