دبي الشروق من مبعوثنا الخاص فاضل الطياشي: اعتقد أعضاء الوفد الصحفي العربي أن سائق الحافلة المقلّة لهم في اتجاه المنتجع السياحي الصحراوي «المها»، الواقع بقلب صحراء دبي، قد أخطأ الطريق... فالأمر يتعلق بمنتجع فريد من نوعه في العالم، وبالأول في العالم العربي والشرق الأوسط وبواحد من بين أرقى وأفخم 20 منشأة فندقية في العالم واقعة بكاب تاون وجزر المالديف والسيشال... وكان من المفروض ان تكون الطريق إليه معبّدة وواسعة بل مفروشة... غير أن الحافلة كانت «تترنّح» وسط مسلك ترابي تتكرّر فوقه الحفر والنتوءات وتحيط به الكثبان الرملية من الجانبين على امتداد حوالي 15 كلم... «كل ذلك كان متعمدا» على حدّ ما ذكرته السيدة ساندي برقاوي منسقة العلاقات الاعلامية ب «طيران الامارات» وهي ترافقنا في هذه الرحلة الفريدة... قبل أن تضيف «لو شاءت حكومة دبي، أو طيران الامارات (الجهة المالكة لهذا المنتجع) أن تقيم طريقا سريعة نحو منتجع المها لاقامته كغيره من الطرقات السريعة في الامارة... لكن الاختيار كان الابقاء على المسلك على حالته الطبيعية حتى يشعر الزائر من الوهلة الاولى بأنه فعلا في قلب الصحراء وحتى لا نفسد عليه المشاهد الطبيعية للرمال ولحيوانات الصحراء بالمعبّدات والعلامات المرورية والاسفلت التي ملّ مشاهدتها في المدن». مخفيّ طوال ال 15 كلم الممتدة بين الطريق السريعة الصحراوية ومنتجع «المها»، لا يمكن للأعين سوى الانشغال بتلك الكثبان الرملية الذهبية ذات الاعشاب الصحراوية النادرة التي تحرّك صمتها بين الحين والآخر قفزة غزال هنا أو قفزة مها (نوع من الغزلان) هناك او حركة بطيئة لبعير في مكان ثالث... كنا نتطلّع عبر البلور الأمامي للحافلة للفوز بأول مشهد عن بعد للمنتجع الصحراوي الذي حدّثونا عنه كثيرا قبل هذه الزيارة، لكن «لا حياة لمن تنادي» في قلب صحراء دبي... وفجأة وبعد أن صعدت الحافلة مرتفعا صغيرا، تراءى لنا المنتجع على بعد حوالي 200م في مكان خفيّ تلفّه خضرة أشجار وارفة في مشهد غريب بكل المقاييس عن الصحارى الجافة. صحراء؟؟! الى حدود البوابة الرئيسية للمنتجع، لا شيء يوحي بأنك على مرمى حجر من موقع شغل بال العالم وشغل بال أثرياء العالم ونجوم الكرة والرياضة وحتى حكام وملوك ورؤساء الدول، فلا يترددون في زيارته والاقامة به لأيام.. فالكثبان الرملية تواصل الاحاطة بالمسلك وأسراب الغزلان والمها تسترق النظر من تحت الشجيرات المحيطة الى كل عربة تدخل المكان.. تتوقف الحافلة، وتأخذنا عربات صغيرة شبيهة بلعب الأطفال، تشتغل بالطاقة الكهربائية المشحونة، تكاد لا تسمع لها ضجيجا، نحو مختلف مكونات المنتجع برفقة احدى مسؤولاته، عبر مسالك ضيقة معبّدة بحجارة الرمال الصلبة وتغطيها ظلال أشجار وارفة.. وعلى طول جانبي هذه المسالك، تمتدّ زرابي الأعشاب الخضراء والزهور، وتتوسطها مجاري مياه عذبة تجوب مختلف أرجاء المنتجع تسحر العيون بنقاوتها والآذان بأصوات خريرها..أما داخل الأذهان فيتكرّر أكثر من سؤال، أهمها، هل نحن في قلب الصحراء فعلا؟ أجنحة 52 جناحا، هو عدد مكونات منتجع المها الصحراوي الممتد وسط الكثبان الرملية وبين الأشجار.. هذه الأجنحة هي بنايات أرضية منتشرة هنا وهناك بحيث لا وجود هناك لبنايات ذات طوابق.. وتتوزع الأجنحة بين 47 جناحا بدويا وجناحين ملكيين وجناحي «الامارات» وجناح رئاسي ومركز استحمام وعلاج بالمياه فضلا عن مبنى الاستقبال والادارة. وتكمن ميزة هذه الأجنحة في أنها من جهة، مصمّمة على النمط البدوي الصحراوي (في شكل خيام) منتشرة هنا وهناك وكل خيمة تمثل جناحا.. وتبلغ مساحة كل جناح بدوي 75م2 به غرفة نوم وغرفة استحمام ومجهز بأحدث التقنيات (تلفزة، أنترنات، ثلاجة، لا سلكي) اضافة الى مسبح خاص بكل جناح (7.5م/ 6.5م) يمكن التحكم في درجة حرارة مياهه! وهي نفس التجهيزات المتوفرة في بقية الأجنحة مع ميزات أخرى للجناح الرئاسي و«الممرات» (مساحته 530م2) وجناح «الامارات» (375م2) والجناح الملكي (175م2) ومجهزة كلها بمسابح يمكن التحكم في درجة حرارتها فضلا عن قطع الزينة الفريدة والتقليدية التي تكسو جدران كل الأجنحة.. إجراءات تعتمد ادارة المنتجع التابعة ل«طيران الامارات» على اجراءات صارمة ضمانا لراحة حرفائه وحتى توفّر لهم الشعور بأنهم فعلا في قلب الصحراء وبعيدا عن ضغوطات الحياة المدنية العصرية وضجيجها وتلوثها مع ضمان إقامة فارهة وفاخرة.. فالمنتجع ممنوع على الأطفال دون 12 عاما حتى لو كانوا برفقة أوليائهم.. والتوجّه الى المنتجع بالسيارات الخاصة ممنوع أيضا ويتم عبر سيارات خاصة ذات دفع رباعي توفرها إدارة المنتجع من مدينة دبي.. كما أن دخوله يتطلب الحجز المسبق للاقامة على الأقل ليلة واحدة في أحد الأجنحة ودفع معلومها قبل 30 يوما من موعد الوصول وبالتالي فهو ممنوع على الزوار العاديين وحتى في صورة إلغاء الاقامة، فإن المبالغ المدفوعة عند الحجز لا تُرجع الى أصحابها عند الاعلام بالإلغاء خلال السبعة أيام السابقة للموعد المحجوز. 2300 دولار في الليلة! تعكس الأسعار المعتمدة في المنتجع قيمته السياحية فهي تتراوح بالنسبة للأجنحة البدوية بين 1150 دولارا في الصيف و2295 دولارا من 25 ديسمبر الى 5 جانفي و1950 دولارا في سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر اضافة الى تعريفات أخرى مختلفة بين جانفي وماي، وهذه الأسعار صالحة لشخص واحد أو لشخصين في الليلة الواحدة وتشمل التنقل من والى المنتجع وفطور الصباح والغداء والعشاء ونشاطين ضمن أنشطة المنتجع لكل شخص في اليوم (رحلات سفاري في الصحراء برفقة مرشدين عشاء فوق الكثبان الرمي بالسّهام الصيد بالصقور ركوب الجمال والخيل). نغادر المنتجع بعد أن لفّ الظلام صحراء دبي، ونحن متأكدين أن سائق الحافلة لن يخطئ طريق العودة.. ومتأكدين أيضا أن زيارة المنتجع لن تصعب على من يستطيع إليه سبيلا حتى لو كان سعر اقامة ليلة واحدة فيه يساوي معلوم اقامة أسبوع في نزل آخر من فئة 5 نجوم.