[email protected] انتهى كأس العالم 2010 وانطلق بعده بلحظة واحدة كأس العالم 2014.. هذا عند الذين يقدّرون الوقت حق قدره. أما الذين جعلهم «الوقت» يتصرفون في كل شيء ويتحكمون في كل شيء ولا يوقفهم شيء.. فإن كأس العالم لم تكن ولن تكون إلاّ مناسبة لتلهية خلق اللّه عن شؤونهم الحياتية ومشاكلهم اليومية.. ولا غرابة في ظل هذا الوضع وهذه الأزمة الفكرية المترامية من المحيط إلى الخليج أن نخرج بدرس واحد من مونديال كشف لنا أكثر من حقيقة بداية بدموع الكوريين على أوضاعهم المأساوية مرورا بقدرة جنوب افريقيا كبلد مازال يفرك عينيه من الميز العنصري على القفز خطوات عملاقة إلى الأمام وصولا الى التأكيد على أن «بلاتر» أقوى رئيس على سطح الكرة الأرضية رغم أنه لا يملك إلاّ كرة معبّأة بالهواء.. كدت أنسى أن أقول أن الدرس الوحيد الذي خرجنا به كعرب ومسلمين من هذا المونديال أن «الفوفوزيلا» (تلك الزكرة العجيبة) حرام محرّم حسب فتوى عربية رسميّة.. وكل عام ونحن جاهزون ومتفاعلون مع المتغيّرات العالمية حتىلا يقول عنّا الغير إننا فقط مستهلكون.. على حدّ علمي.. قامت الدنيا ولم تقعد بشأن انتقال لاعب اتحاد المنستير هشام السيفي الى النادي الافريقي والسبب ليس أن هشام صرّح بأنه كان ولا يزال وسيبقى من عشاق فريق باب الجديد.. فهذه ألفناها من كل اللاعبين لأنها تدخل في نطاق «الكذب الاجتماعي» (تثبتوا في خطورة هذه الكلمة وهذا المنطق).. لكن قامت الدنيا بسبب اصابة قديمة رصدها الأفارقة بعد فوات الأوان أي بعد امضاء العقد وهي التي «قالوا» انها تتطلب راحة بثلاثة أسابيع أو ثلاثة أشهر.. لينزل الخبر نزول الصاعقة على الجماهير والهيئة وبقية اللاعبين وكأن السيفي الذي لم يسجل طيلة كامل مشواره سوى بعض الأهداف أصبح بين عشية وضحاها «دافيد فيّا» أو «فورلان» أو«كلوزة» ليتعطل الكلام وتتوقف الأحلام قبل حوار الأقدام.. وإن كنّا نضحك في بعض الأحيان عن حصول مثل هذه اللقطات داخل أندية نسميّها قهرا كبيرة فإننا نسأل ماذا تمثل ثلاثة أسابيع أو ثلاثة أشهر من حياة فريق تضج أركانه بالمواهب.. فعلى حدّ علمنا أن نادي برشلونة وما أدراك تعاقد مع «طفل» كان يدعى «ليونال ميسي» وتكفل برعايته من الملبس الى المأكل الى التمارين وصولا الى الطبيب المختص في التغذية حتى يكتسب بعض الكيلوغرامات ويتجاوز «إعاقته الجسدية» والنتيجة وقف عليها كل العالم بعد إمضاء ميسي على وثيقة ردّ جميل «البارصا» بساقه اليسرى.. وإذا كانت برشلونة صبرت أعواما فكيف لا يصبر الافريقي على لاعبه بعض الأسابيع وهو المتعود على أكثر من ذلك مع غير السيفي حتى أضحى مركب الافريقي شبيها ب«دار مقام» سواء للقادمين من قلب القارة.. أو من داخل الأندية الأخرى.. «صابر».. خليفة ألف مرة قال صابر خليفة انه يستحق مكانا ومساحة داخل حديقة الترجي.. لكن بعضهم لم يقبل هذا الكلام واعتبروه استصغارا لفريقهم الذي تعود أن يكون من بداخله من جماعة «وي.. وي».. حيث يمنع الكلام في مثل هذه الأمور لتزداد القناعة برجاحة تدبير شيخ الأندية التونسية.. اليوم هرب صابر خليفة و«طار» الى أحد الأندية الفرنسية.. واليوم اكتشف الترجي أنه كان يملك عصفورا جميلا قادرا على التغريد في حضرة الملك «مايكل»، الذي يمنع الاقتراب منه رغم أنه يضيع خمسة عشرة فرصة ويسجل واحدة في ظل وجود ثنائي مموّن من ذهب اسمه الدراجي والمساكني.. واليوم أيضا يفرض السؤال نفسه هل أذنب الترجي في حق صابر خليفة الذي تميز ب«صبر أيوبي» ورمته الأيادي الحمراء والصفراء الى أكثر من ناد في اطار الاعارة أم أذنب اللاعب بقرار الفرار بعد تلكؤ الهيئة وتجاهل الأنصار.. أم كان الأمر حتميا بضرورة الاختيار بين الجنّة والنار..؟