٭ بقلم: فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي كان هدف رحلتنا إلى السودان، «سي عبد الحميد الرياحي» وكاتبة هذه الأسطر، وبصفتينا بالجريدة، أن نجري المقابلة الصحفية مع الرئيس عمر البشير، وأن نؤدي زيارة إلى «دارفور». وفي هذا الباب، أي زيارة «دارفور»، أقرّ، بأن كل الذين أمكن لنا إعلامهم هنا في تونس، بأن زيارة المنطقة الأسخن الآن في السودان (دارفور) أمر وارد، عبّر عن استغراب فيه خوف.. و تخوّف: دارفور؟ وعبر الطائرة؟ طبعا، لاحظت شخصيا تململا، إن في صفوف العائلة أو الأصدقاء.. بل إن هذا الموقف، الذي يشابه إلى حدّ كبير ما أوردته الزميلة فاطمة ضو من «لوكوتيديان» لمّا سافرت إلى لبنان مع أمين بن مسعود عن «الشروق» وأحمد الوسلاتي عن «الأسبوع المصور»، عن الذين أعلمتهم بسفرتها نحو سفينة «ناجي العلي» نحو غزّة، فكانت الصّفرة تعتلي وجوه كلّ من سمعوا الخبر.. نعم، كان أمري كذلك مع قسم من العائلة وجزء كبير من الأصدقاء الذين أعلمتهم بالزيارة إلى السودان وربما إلى «دارفور» الساخنة، مناخيا وسياسيا وعسكريا.. والحقيقة، لم يكن هذا الخوف الصادر عن أهلي في تونس، عائلة وأصدقاء وزملاء، ملفتا، فهو عادي، لأنهم يتابعون الأنباء يوميا عن السودان، ووجع السودان.. وجع، مصدره مزيج بين الداخل والخارج.. لكن ما كان لافتا هو موقف بعض السودانيين من زملاء وغيرهم، من رحلة صحفيين من تونس، أصرّا على أن يذهبا إلى «دارفور».. المهمّ، كان السفر إلى ولاية دارفور، بعد ظهر اليوم الثالث من حلولنا بالعاصمة السودانية.. فكانت الطائرة التابعة لخطوط جوية خاصة (على الأغلب) يقودها طيّار روسي، قد أقلعت في أمان من مطار الخرطوم إلى مطار «الفاشر» عاصمة شمال دارفور.. وحطّت به بعد ساعة وربع من إقلاعها نحو دارفور.. الحقيقة، كانت الرحلة عادية، كما لو أنك تسافر من العاصمة إلى جربة.. أو إلى طرابلس (ليبيا).. وكانت الإقامة في دارفور، ليلة ويومين.. أمكن لنا خلالها زيارة معسكر (مخيّم) اللاجئين، وأمكن رصد ثقل الوجود الأممي والافريقي، طائرات وسيارات (رباعية الدّفع).. وسوف نوافيكم ضمن التحقيقات الميدانية واللقاءات الصحفية هناك، بما أمكن إنجازه صحفيا.. «نرجوكم أن تتفضلوا إلى قاعة الرحيل وتكونوا جاهزين، على الساعة الثانية بعد الظهر» هذا ما أفادتنا به وكالة الأسفار، ونحن نحجز للرجوع إلى الخرطوم بعد جولة «دارفور».. وكان الأمر كذلك.. لكن الطائرة، التي اختلفت نوعيا ومن حيث مصدر مصنّعها عن الطائرة التي أقلتنا إلى «الفاشر» لم تقلع من مطار «دارفور» الفاشر إلا مغربا.. حلّ الظلام، وأقلعت الطائرة بعد طول انتظار وكان القائد «روسيا» كذلك.. والروس (شاطرون) كما يقول عنهم المشارقة الذين خبروهم وخبروا طائراتهم.. لكن.. حدث ما لم يكن في الحسبان.. الطائرة تحلق لمدة ساعتين، ولا تستطيع الهبوط، في المطار.. مطار «الخرطوم»، إلى أن شارف «الكيروزين» على الانتهاء.. وهبطت الطائرة اضطرارا في مطار ما.. ليس الخرطوم.. أطلقنا الشهادتين.. وحلّ الرّعب محلّ السكينة والاطمئنان.. فما الذي حدث؟ وما الحكاية؟ وأين نحن نازلون؟