بقلم فاطمة بن عبد اللّه الكرّاي لم تكن مهمتنا يسيرة في السودان.. فقد كان المشهد محلّ أنظار كل صحافة العالم.. الجميع يريد تصريحات.. والجميع يريد أن يلتقي الرئيس البشير.. وحدها «الشروق» استطاعت أن تؤمّن هذا اللقاء.. ولما رجعنا، سي عبد الحميد الرياحي وكاتبة هذه الأسطر، كان الاعلان عن اللقاء قد سبقنا.. سبق صدور الاعلان عن اللقاء، طائرتنا التي حطت في مطار تونسقرطاج على الساعة الحادية عشرة صباحا من يوم الخامس عشر من جويلية.. طائرة قادتنا من «اسطمبول» التركية الى بلادنا.. بعد أن قادتنا نفس الشركة التركية من الخرطوم الى العاصمة الاقتصادية لتركيا.. بدأت الاتصالات من هناك وهناك.. لكنها كانت قليلة، مقارنة بيوم صدور اللقاء الصحفي والحوار الذي جمعنا مع الرئيس البشير.. كانت صورنا مع الرئيس السوداني تتخلّل أسئلتنا وأجوبته.. أجوبة فيها السّبق.. كيف لا، والرئيس البشير، يعلّق ولأول مرة، على «أوكامبو» الذي انبرى فجأة يوم الثاني عشر من جويلية (قبل اللقاء الصحفي بيومين) ليعلن عن بطاقة لجلب ثانية في حقّ البشير.. والمفاوضات حول «دارفور» على أشدّها.. كانت المكالمات كثيفة، يوم صدور اللقاء.. وما أثار استغرابي، أن عددا من التي وصلتني شخصيا، من زملاء وزميلات.. وأصدقاء.. اعتنى فيها أصحابها بالشكل.. وبمحتوى صورتين تخصّانني.. ورفعا لكل التباس، فإنّ الصحفي الذي قضّى ثلاثين عاما في هذه المهنة، لا يمكن أن تفرض عليه مظاهر معيّنة.. أو لباسا معيّنا.. فهو الذي يملك القرار.. ويعرف كيف يدخل المجتمعات ويتعامل معها.. ونفس الصحفي الذي قضّى قرابة الثلاثين عاما، في دنيا الصحافة والأعلام واللقاءات، لا أعتقد أنه يخطئ التعامل والتفريق بين المجتمعات.. كأن لا يعرف ماذا يرتدي وهو يدخل مخيّمات لاجئين.. أو يلج أحياء ومدن فيها المحافظين أكثر من المطلّين والمنخرطين في مسارات الحضارة.. تمنّيت أن تعوّض تلك الأسئلة، أسئلة أخرى عن حال السودان، وهو مقحم في مهبّ المزايدات.. والمضاربات بحقوق الانسان.. تمنّيت أن تكون الأسئلة عن وجع السودان الذي تسببه له المفارقة: من ناحية هو سلّة افريقيا والعرب ومن أخرى تعوز هذا البلد الغني مستلزمات النهضة والنماء.. نعم، في السودان وجع.. وجع فيه الحرب.. وفيه صناعة الحرب.. وجع فيه الفقر.. وفيه صناعة الفقر.. وجع فيه المهجّرين.. وفيه صناعة المهجّرين.. وفي الحلقات القادمة، سوف نتحدث في مظاهر هذا الوجع.. وفي أعماق هذا الوجع.. وفي مسبّبات هذا الوجع.. وفي أطراف هذا الوجع.. نتحدّث..